Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 36-40)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ اهل الكوفة إلا عاصما { كبير الإثم } على التوحيد . الباقون { كبائر } على الجمع جمع التكسير . ومن وحد قال : إنه اسم جنس يقع على القليل والكثير . وقال قوم : اراد الشرك فقط . ومن جمع ، فلان انواع الفواحش ، واختلاف اجناسها كثيرة . يقول الله تعالى مخاطباً لمن تقدم وصفه { وما أوتيتم } يعني ان الذي اوتيتموه وأعطيتموه { من شي ء } من الاموال ، { فمتاع الحياة الدنيا } أى هو شيء ينتفع به عاجلا لا بقاء له ولا محصول له . والمتاع يخير به عن الامتاع ويعبر به عن الاثاث ، ففي ذلك تزهيد في الدنيا وحث على عمل الآخرة . ثم قال { وما عند الله } يعني من الثواب في الجنة { خير وأبقى } من هذه المنافع العاجلة التي هي قليلة والآخرة باقية دائمة ، وهذه فانية منقطعة . ثم بين انها حاصلة { للذين آمنوا } بتوحيد الله وتصديق رسله { وعلى ربهم يتوكلون } أى يفوضون أمرهم اليه تعالى دون غيره فالتوكل على الله تفويض الامر اليه باعتقاد أنها جارية من قبله على احسن التدبير مع الفزع اليه بالدعاء في كلما ينوب . والتوكل واجب ، الترغيب فيه كالترغيب في جملة الايمان . وقوله { والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش } يحتمل ان يكون ( الذين ) في موضع جر بالعطف على قوله { للذين } فكأنه قال وما عند الله خير وأبقى للمؤمنين المتوكلين على ربهم المجتنبين كبائر الاثم والذنوب . والفواحش جمع فاحشة ، وهي اقبح القبيح . ويحتمل ان يكون في موضع رفع بالابتداء ، ويكون الخبر محذوفاً ، وتقديره الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش { وإذا ما غضبوا } مما يفعل بهم من الظلم والاساءة { هم يغفرون } ويتجاوزون عنه ولا يكافونهم عليه لهم مثل ذلك . والعفو المراد في الآية هو ما يتعلق بالاساءة الى نفوسهم الذى لهم الاختصاص بها فمتى عفوا عنها كانوا ممدوحين . فأما ما يتعلق بحدود الله ووجوب حدوده فليس للامام تركها ولا العفو عنها ، ولا يجوز له ان يعفو عن المرتد وعمن يجرى مجراه . ثم زاد في صفاتهم فقال { والذين استجابوا لربهم } في ما دعاهم اليه { وأقاموا الصلاة } على حقها { وأمرهم شورى بينهم } أى لا ينفردون بأمر حتى يشاوروا غيرهم ، لانه قيل : ما تشاور قوم إلا وفقوا لأحسن ما يحضرهم { ومما رزقناهم ينفقون } في طاعة الله وسبيل الخير . ثم قال { والذين إذا أصابهم البغي } من غيرهم وظلم من جهتهم { هم ينتصرون } يعني ممن بغى عليهم من غير ان يعتدوا فيها فيقتلوا غير القاتل ويجنوا على غير الجاني ، وفي قوله { والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون } ترغيب في انكار المنكر . ثم قال { وجزاء سيئة سيئة مثلها } قال ابو نجيح والسدى : معناه إذا قال أخزاه الله متعدياً قال له مثل ذلك اخزاه الله . ويحتمل ان يكون المراد ما جعل الله لنا إلا الاقتصاص منه من { النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص } فان للمجني عليه أن يفعل بالجاني مثل ذلك من غير زيادة وسماه سيئة للازدواج ، كما قال { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } وقال { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } ثم مدح العافي عما له أن يفعله ، فقال { فمن عفى وأصلح } عما له المؤاخذة فيه { فأجره } في ذلك وجزاؤه { على الله } فانه يثيبه على ذلك . وقوله { إنه لا يحب الظالمين } قيل فى معناه وجهان : احدهما - إني لم ارغبكم في العفو عن الظالم لأني أحبه ، بل لأني أحب الاحسان والعفو . والثاني - إني لا أحب الظالم لتعديه ما هو له إلى ما ليس له في القصاص ولا غيره . وقيل الكبائر الشرك بالله ، وقتل النفس التي حرم الله ، وقذف المحصنات ، وعقوق الوالدين ، واكل مال اليتيم ، والفرار من الزحف ، واكل الحرام . وعندنا كل معصية كبيرة ، وإنما تسمى صغيرة بالاضافة إلى ما هو اكبر منها لا انها تقع محبطة ، لان الاحباط باطل عندنا . وقيل إن هذه الآيات نزلت في قوم من المهاجرين والانصار .