Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 41-45)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { ولمن انتصر من بعد ظلمه } اخبار من الله تعالى أن من انتصر لنفسه بعد أن كان ظلم وتعدي عليه ، فاخذ لنفسه بحقه ، فليس عليه من سبيل . قال قتادة : بعد ظلمه في ما يكون فيه القصاص بين الناس فى النفس او الاعضاء او الجراح ، فأما غير ذلك فلا يجوز أن يفعل لمن ظلمه ولا ذم له على فعله . وقال قوم : معناه إن له أن ينتصر على يد سلطان عادل بأن يحمله اليه ويطالبه بأخذ حقه منه ، لأن السلطان هو الذي يقيم الحدود ، ويأخذ من الظالم للمظلوم ، ويمكن أن يستدل بذلك على أن من ظلمه غيره بأخذ ماله كان له إذا قدر أن يأخذ من ماله بقدره ، فلا إثم عليه ، والظالم هو الفاعل للظلم . وقد بينا حكم الظالم فى غير موضع ، فلما بين أن للمظلوم أن يقتص منه ، وانه متى اخذ بحقه لم يكن عليه سبيل بين { إنما السبيل على الذين يظلمون الناس } ويأخذون ما ليس لهم ويتعدون عليهم { ويبغون } عليهم { في الأرض بغير الحق } لأنه متى سعى فيها بالحق لم يكن مذموماً به إن طلب بذلك ما أباحه الله له { أولئك لهم عذاب أليم } اخبار منه تعالى أن من قدّم وصفه لهم عذاب موجع مؤلم . ثم مدح تعالى من صبر على الظلم ولم ينتصر لنفسه ولا طالب به ويغفر لمن أساء اليه بأن قال { ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور } أي من ثابت الأمور التي أمر الله بها فلم ينسخ . و { عزم الأمور } هو الاخذ بأعلاها فى باب نيل الثواب والأجر وإحتمال الشدائد على النفس وإيثار رضا الله على ما هو مباح . وقيل : { إن ذلك لمن عزم الأمور } جواب القسم الذي دل عليه { لمن صبر وغفر } كما قال { لئن أخرجوا لا يخرجون معهم } وقيل : بل هي في موضع الخبر . كأنه قال إن ذلك منه لمن عزم الأمور ، وحسن ذلك مع طول الكلام . وقوله { ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده } يحتمل أمرين : احدهما - ان من اضله الله عن طريق الجنة إلى عذاب النار فليس له ناصر ينصره عليه ويرفعه عنه من بعد ذلك بالتخليص منه . والثاني - أن من حكم الله بضلاله وسماه ضالا عن الحق فما له من ولي ولا ناصر يحكم بهدايته ويسميه هادياً . ثم قال { وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل } اخبار منه تعالى إنك يا محمد ترى الظالمين إذا شاهدوا عذاب النار يقولون هل إلى الرجوع والرد إلى دار التكليف . من سبيل تمنياً منهم لذلك وإلتجاء إلى هذا القول لما ينزل بهم من البلاء . مع علمهم بأن ذلك لا يكون ، لان معارفهم ضرورية . ثم قال { وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي } قال ابن عباس : من طرف ذليل . وقال الحسن وقتادة : يسارقون النظر ، لأنهم لا يجرؤن أن ينظروا إلى النار بجميع أبصارهم لما يرون من هول النار وألوان العذاب . وقيل : يرون النار بقلوبهم ، لأنهم يحشرون عمياً { وقال الذين آمنوا } يعني الذين صدقوا الله ورسوله ذلك اليوم إذا رأوا حصول الظالمين فى النار واليم العقاب { إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم } باستحقاق النار { وأهليهم } لما حيل بينهم وبينهم { يوم القيامة ألا إن } هؤلاء { الظالمين في عذاب مقيم } أي دائم لا زوال له . وقد منعوا من الانتفاع بنفوسهم واهليهم ذلك اليوم .