Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 21-25)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن عامر وحفص عن عاصم { قال أولو جئتكم } على انه فعل ماض ، وتقديره قال النذير . الباقون { قل } على الأمر على وجه الحكاية لما اوحى الله إلى النذير . قال كأنه قال اوحينا اليه أي فقلنا له { قل أولو جئتكم } وقرأ ابو جعفر { جئناكم } بالنون على وجه الجمع . لما حكى الله تعالى تخرص من يضيف عبادة الاصنام والملائكة إلى مشيئة الله ، وبين انه لا يشاء ذلك قال { أم آتيناهم كتاباً } والمعنى التقريع لهم على خطئهم بلفظ الاستفهام ، والتقدير أهذا الذي ذكروه شئ تخرصوه وافتروه { أم آتيناهم كتاباً من قبله فهم به مستمسكون } ؟ ! فاذا لم يمكنهم ادعاء ان الله أنزل بذلك كتاباً علم انه من تخرصهم ودل على حذف حرف الاستفهام ( أم ) لأنها المعادلة . ثم قال ليس الامر على ما قالوه { بل قالوا } يعني الكفار { إنا وجدنا آباءنا على أمة } قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي : يعني على ملة وسميت الديانة أمة لاجتماع الجماعة على صفة واحدة فيها . وقرىء " على إمة " - بكسر الهمزة - والمراد به الطريقة { وإنا على آثارهم } أي على آثار آبائنا { مهتدون } نهتدي بهداهم . ثم قال مثل ما قال هؤلاء فى الحوالة على تقليد آبائهم فى الكفر كذلك لم نرسل من قبلك في قرية ومجمع من الناس نذيراً - لان ( من ) زيادة - { إلا قال مترفوها } وهم الذين آثروا الترفة على طلب الحجة ، وهم المتنعمون الروساء { إنا وجدنا آباءنا على أمة } يعني على ملة { وإنا على آثارهم مقتدون } نقتدي بهم فأحال الجميع على التقليد للاباء فحسب ، دون الحجة ، والتقليد قبيح بموجب العقل لأنه لو كان جائزاً للزم فيه أن يكون الحق في الشيء ونقيضه ، فيكون عابد الوثن يقلد أسلافه ، وكذلك يقلد اسلافه اليهودي والنصراني والمجوسي ، وكل فريق يعتقد أن الآخر على خطأ وضلال . وهذا باطل بلا خلاف ، فاذاً لا بد من الرجوع إلى حجة عقل او كتاب منزل من قبل الله ، فقال الله تعالى للنذير { قل } لهم { أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم } فهل تقبلونه ؟ وفي ذلك حسن التلطف في الاستدعاء إلى الحق ، وهو انه لو كان ما تدعونه حقاً وهدى على ما تدعونه ، لكان ما جئتكم به من الحق اهدى من ذلك واوجب ان يتبع ويرجع اليه ، لأن ذلك ، إذا سلموا أنه اهدى مما هم عليه بطل الرد والتكذيب ، وإذا بطل ذلك لزم اتباعه في ترك ما هم عليه . ثم حكى ما قالوا في الجواب عن ذلك فانهم قالوا { إنا بما أرسلتم به } معاشر الانبياء { كافرون } ثم اخبر تعالى فقال { فانتقمنا منهم } بأن اهلكناهم وعجلنا عقوبتهم { فانظر } يا محمد { كيف كان عاقبة المكذبين } لانبياء الله والجاحدين لرسله .