Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 16-20)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ اهل الكوفة إلا أبا بكر { أو من ينشأ } بضم الياء وتشديد الشين . الباقون بفتح الياء والتخفيف . وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر " عند الرحمن " بالنون . الباقون " عباد " على الجمع وقرأ نافع " أأشهدوا " بضم الألف وفتح الهمزة من ( اشهدت ) الباقون " اشهدوا " من ( شهدت ) من قرأ ( ينشأ ) بالتشديد جعله في موضع مفعول لأنه تعالى قال { إنا أنشأناهن إنشاء } فانشأت ونشأت بمعنى إذا ربيت . وتقول : نشأ فلان ونشأه غيره وغلام ناشىء أي مدرك . وقيل في قوله { ثم أنشأناه خلقاً آخر } قال هو نبات شعر ابطه ومن خفف جعل الفعل لله ، لان الله انشأهم فنشؤوا ، ويقال للجوار الملاح : النشأ قال نصيب : @ ولولا ان يقال صبا نصيب لقلت بنفسي النشأ الصغار @@ ومن قرء عباد فجمع ( عبد ) فهو كقوله { لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون } فاراد الله أن يكذبهم فى قولهم : إن الملائكة بنات الله ، وبين انهم عباده . ومن قرأ " عند " بالنون ، فكقوله { إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته } وقال سعيد بن جبير : قلت لابن عباس فى مصحفي " عباد " فقال : حكه . ووجه قراءة نافع " أأشهدوا " انه جعله من اشهد يشهد جعلهم مفعولين وقال تعالى { ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم } من قرأ بفتح الهمزة جعله من شهد يشهد فهؤلاء الكفار إذا لم يشهدوا خلق السموات والارض ولا خلق انفسهم من اين علموا ان الملائكة بنات الله وهم لم يشهدوا ذلك ، ولم يخبرهم عنه مخبر ؟ ! . لما اخبر الله تعالى عن الكفار انهم جعلوا له من عباده جزءاً على ما فسرناه ، وحكم عليهم بأنهم يجحدون نعمه ويكفرون أياديه ، فسر ذلك وهو انهم قالوا { أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين } فى هذا القول حجة عليهم لأنه ليس بحكيم من يختار لنفسه أدون المنزلتين ولغيره اعلاهما ، فلو كان على ما يقول المشركون من جواز اتخاذ الولد عليه لم يتخذ لنفسه البنات ويصفيهم بالبنين فغلطوا فى الأصل الذي هو جواز إتخاذ الولد عليه ، وفى البناء على الأصل باتخاذ البنات ، فنعوذ بالله من الخطاء فى الدين . ومعنى ( أصفاكم ) خصكم وآثركم بالذكور واتخذ لنفسه البنات . ثم قال تعالى { وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا } يعني إذا ولد لواحد منهم بنت حسب ما اضافوها إلى الله تعالى ونسبوها اليه على وجه المثل لذلك { ظل وجهه مسوداً } أي متغيراً مما يلحقه من الغم بذلك حتى يسود وجهه ويربد { وهو كظيم } قال قتادة معناه حزين ، وفى هذا ايضاً حجة عليهم لأن من اسود وجهه بما يضاف اليه مما لا يرضى فهو احق ان يسود وجهه باضافة مثل ذلك إلى من هو اجل منه ، فكيف الى ربه . ثم قال تعالى على وجه الانكار لقولهم { أو من ينشؤا في الحلية } قال ابن عباس { أو من ينشؤا في الحلية } المراد به المرأة . وبه قال مجاهد والسدي ، فهو في موضع نصب والتقدير او من ينشؤ فى الحلية يجعلون . ويجوز ان يكون الرفع بتقدير أولئك ولده على ما قالوا هم بناته يعني من ينشؤ فى الحلية على وجه التزين بها يعني النساء فى قول اكثر المفسرين . وقال ابو زيد : يعني الاصنام . والاول اصح { وهو في الخصام غير مبين } في حال الخصومة ، فهو ناقص عمن هو بخلاف هذه الصفة من الشبيه على ما يصلح للجدال ودفع الخصم الالد بحسن البيان عند الخصومة ، فعلى هذا يلزمهم ان يكونوا باضافة البنات قد اضافوا ادنى الصفات اليه . ثم قال تعالى { وجعلوا } يعني هؤلاء الكفار { الملائكة الذين هم عباد الرحمن } متذللون له خاضعون له . ومن قرأ بالنون اراد الذين هم مصطفون عند الله { إناثاً } فقال لهم على وجه الانكار { أشهدوا خلقهم } ثم قال { ستكتب شهادتهم } بذلك { ويسألون } عن صحتها . وفائدة الآية أن من شهد بما لا يعلم فهو حقيق بأن يوبخ ويذم على ذلك وشهادته بما هو متكذب به على الملائكة اعظم من الفاحشة ، للاقدام على تنقصهم فى الصفة ، وإن كان في ذلك على جهالة . ثم حكى عنهم إنهم قالوا { لو شاء الرحمن ما عبدناهم } كما قالت المجبرة بأن الله تعالى أراد كفرهم ، ولو لم يشأ ذلك لما كفروا ، فقال الله لهم على وجه التكذيب { ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون } أي ليس يعلمون صحة ما يقولونه وليس هم إلا كاذبين . ففي ذلك إبطال مذهب المجبرة فى ان الله تعالى يريد القبيح من افعال العباد . لان الله تعالى قطع على كذبهم فى ان الله تعالى يشأ عبادتهم للملائكة ، وذلك قبيح لا محالة وعند المجبرة الله تعالى شاءه . وقد نفاه تعالى عن نفسه وكذبهم فى قولهم فيه .