Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 81-85)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قيل فى معنى قوله { قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين } اقوال : احدها - فانا أول الآنفين من عبادته ، لأن من كان له ولد لا يكون إلا جسماً محدثاً ومن كان كذلك لا يستحق العبادة ، لأنه لا يقدر على النعم التي يستحق بها العبادة تقول : العرب عبدت فصمت قال الفرزدق : @ واعبد ان يهجى كليب بدارم @@ وقال آخر : @ ألا هذيت أم الوليد واصبحت لما أبصرت في الرأس مني تعبد @@ الثاني - ما قاله ابن زيد وابن أسلم وقتادة : إن ( ان ) بمعنى ( ما ) وتقديره ما كان للرحمن ولد فأنا اول العابدين لله . الثالث - هو انه لو كان له ولد لعبدته على ذلك كما تقول لو دعت الحكمة إلى عبادة غير الله لعبدته لكنها لا تدعوا إلى عبادة غيره ، وكما تقول : لو دل الدليل على أن له ولداً لقلت به ، لكنه لا يدل ، فهذا تحقيق نفي الولد لانه تعليق محال بمحال . الرابع - قال السدي : لو كان له ولد لكنت اول من عبده بأن له ولداً ، لكن لا ولد . وهذا قريب من الوجه ( الثالث ) . الخامس - إن كان لله ولد على قولكم ، فأنا أول من وحده وعبده على ان لا ولد له - ذهب اليه مجاهد - وإنما لم يجز على الله تعالى الولد لانه لا يخلو من ان يضاف اليه الولد حقيقة او مجازاً ، وحقيقته أن يكون مخلوقاً من مائه او مولوداً على فراشه ، وذلك مستحيل عليه تعالى . ومجازه أن يضاف اليه على وجه التبني وإنما يجوز فيمن يجوز عليه حقيقته ، ألا ترى انه لا يقال تبنى شاب شيخاً لما لم يمكن أن يكون له ولد حقيقة ، وانما جاز ان يضاف إلى شيخ شاب على انه تبناه لما كان حقيقته مقدورة فيه ، وكذلك لا يقال تبنى انسان بهيمة لما كان يستحيل أن يكون مخلوقاً من مائه او على فراشه ، فلما استحال حقيقته على الله تعالى استحال عليه مجازه ايضاً . وإنما جاز أن يقال روح الله ، ولم يجز ان يقال ولد الله لأن روح الله بمعنى ملك الله للروح ، وإنما اضيف اليه تشريفاً . وإن كانت الارواح كلها لله بمعنى انه مالك لها . ولا يعرف مثل ذلك فى الولد . ثم نزه نفسه تعالى عن اتخاذ الولد فقال { سبحان رب السماوات والأرض } يعني الذي خلقهن { رب العرش } أي خالقه ومدبره { عما يصفون } من اتخاذ الولد ، لأن من قدر على خلق ذلك وإنشائه مستغن عن اتخاذ الولد . ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله على وجه التهديد للكفار { فذرهم } أي اتركهم { يخوضوا } فى الباطل { ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون } بمعنى يوعدون فيه بالعذاب الأبدي . وقال تعالى { وهو الذي في السماء إله } أي يحق له العبادة فى السماء ويحق له العبادة فى الأرض ، وإنما كرر لفظة إله فى قوله { وفي الأرض إله } لأحد امرين : احدهما - للتأكيد ليتمكن المعنى فى النفس لعظمه فى باب الحق . الثاني - إن المعنى هو فى السماء إله ، يجب على الملائكة عبادته ، وفي الأرض اله يجب على الآدميين عبادته { وهو الحكيم } في جميع افعاله { العليم } بجميع المعلومات { وتبارك } وهو مأخوذ من البرك وهو الثبوت ، ومعناه جل الثابت الذي لم يزل ولا يزال . وقيل : معناه جل الذي عمت بركة ذكره { الذي له ملك السماوات والأرض } أي الذى له التصرف فيهما بلا دافع ولا منازع { وما بينهما وعنده علم الساعة } يعني علم يوم القيامة ، لانه لا يعلم وقته على التعيين غيره { وإليه ترجعون } يوم القيامة فيجازي كلا على قدر عمله . فمن قرأ بالتاء خاطب الخلق . ومن قرأ بالياء ردّ الكناية إلى الكفار الذين تقدم ذكرهم .