Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 44, Ayat: 12-16)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما اخبر الله تعالى أن الدخان يغشى الناس عذابا لهم وعقابا للكفار ، وحكى أنهم يقولون هذا عذاب أليم ، حكى ايضا انهم يقولون ويدعون { ربنا اصرف عنا العذاب } الذي أنزلته من الدخان { إنا موقنون } بأنه لا إله غيرك ، وأن لا يستحق العبادة سواك . فقال تعالى { أنى لهم الذكرى } قال ابن عباس معناه ( كيف ) ؟ وقال غيره معناه من أين لهم الذكرى { وقد جاءهم رسول مبين } وحثهم على ذلك فلم يقبلوا منه ، وهذا زمان سقوط التكليف لكونهم ملجئين فلا تقبل لهم توبة . وقوله { ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون } قال مجاهد : المعنى ثم تولوا عن محمد صلى الله عليه وآله وقالوا هو معلم يعلمه غيره ، ونسبوه إلى الجنون ، وأنه مجنون . ثم قال تعالى { إنا كاشفوا العذاب قليلا } على وجه التبكيت لهم على شدة عنادهم إنا لو كشفنا عنكم العذاب ورفعناه عنكم { إنكم عائدون } فمن قال إن العذاب بالدخان عند رفع التكليف قال { إنكم عائدون } فى العذاب ، وهو قول قتادة ومن ذهب إلى انه فى الدنيا مع بقاء التكليف ، قال معناه { إنكم عائدون } في الضلال . وهو قول جماعة . وقوله { يوم نبطش البطشة الكبرى } فالبطش الأخذ بشدة وقع الألم ، بطش به يبطش بطشاً ، ومثله عرش يعرش ويعرش ، وهو باطش ، واكثر ما يكون بوقوع الضرب المتتابع ، فأجري افراغ الألم المتتابع مجراه و { البطشة الكبرى } قال ابن مسعود ومجاهد وابو العالية ، وروى عن ابن عباس وابي بن كعب والضحاك وابن زيد : هو ما جرى عليهم يوم بدر - وفي رواية أخرى عن ابن عباس والحسن انه يوم القيامة ، وهو اختيار الجبائي . وقوله { إنا منتقمون } اخبار منه تعالى أنه ينتقم من هؤلاء الكفار بانزال العقوبة بهم ، وقد فرق قوم بين النقمة والعقوبة : بأن النقمة ضد النعمة ، والعقوبة ضد المثوبة ، فهي مضمنة بأنها بعد المعصية فى الصفة ، وليس كذلك النقمة وإنما تدل الحكمة على انها لا تقع من الحكيم إلا لأجل المعصية .