Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 44, Ayat: 30-36)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
سبع آيات كوفي وست في ما عداه ، عدّ الكوفيون { ليقولون } ولم يعده الباقون . اقسم الله تعالى أنه نجّى أي خلص بني اسرائيل الذين آمنوا بموسى من العذاب المهين الذي كان يفعله بهم فرعون وقومه لأنهم كانوا استعبدوهم ، وكانوا يكلفونهم المشاق ويحملوهم القذارات ويكلفونهم كنسها وتنظيفها وغير ذلك ، فخلصهم الله تعالى حين أهلك فرعون وقومه ووفقهم للايمان بموسى . ثم اخبر تعالى ان فرعون كان عالياً من المسرفين أي متجبراً متكبراً من المسرفين في الأرض الذين يتجاوزون حد ما يجوز فعله إلى ما لا يجوز فعله استكباراً وعلواً وعتوّاً ، يقال : اسرف يسرف اسرافاً فهو مسرف ، ومثله الافراط ، وضده الاقتار ، وإنما وصف المسرف بأنه عال ، وإن كان وصف عال قد يكون صفة مدح ، لانه قيده بأنه عال في الاسراف ، لان العالي في الاحسان ممدوح والعالي فى الاسراف مذموم ، واطلاق صفة عال تعظيم ، وإذا اطلق فالمدح به أولى . ثم اخبر تعالى مقسماً بأنه اختارهم يعني موسى وقومه على علم على العالمين ، فالاختيار هو اختيار الشيء على غيره بالارادة له لتفضيله عليه . ومثله الايثار ، وليس فى مجرد الارادة تفضيل شيء على غيره ، لانه قد يمكن أن يريد شيئاً من غير أن يخطر بباله ما هو فيه أولى منه فى العقل ، فلا يكون اختياره تفضيلا . وإما ان يريد الأولى ولا يدري انه أولى ، فيختاره عليه لجهله بأنه أولى او يختاره وهو يعلم انه غير أولى ، ويختاره لحاجته اليه من جهة تعجل النفع به ، ومن اختار الادون فى الصلاح على الأصلح كان منقوصاً مذموماً ، لانه بمنزلة من اختار القبيح على الحسن . وقيل : المعنى اخترناهم على عالمي زمانهم بدلالة قوله لأمة نبينا { كنتم خير أمة أخرجت للناس } وذلك يوجب انه ما اختارهم على من هو خير منهم ، وإنما اختارهم على من هو فى وقتهم من العالمين . وقال قتادة ، ومجاهد : على عالمي زمانهم . وإنما قال { اخترناهم على علم على العالمين } بما جعل فيهم من الأنبياء الكثيرين ، فهذه خاصة لهم ليست لغيرهم ، لما فى العلوم من مصالح المكلفين بأنبيائهم . ثم بين ما به اختارهم بأن قال { وآتيناهم } يعني أعطيناهم { من الآيات } يعني الدلالات والمعجزات { ما فيه بلاء مبين } قال الحسن : يعني ما فيه النعمة الظاهرة . قال الفراء : البلاء قد يكون بالعذاب ، وقد يكون بالنعمة ، وهو ما فعل الله بهم من إهلاك فرعون وقومه ، وتخليصهم منه وإظهار نعمه عليهم شيئاً بعد شيء . ثم اخبر تعالى عن كفار قوم نبينا صلى الله عليه وآله فقال { إن هؤلاء ليقولون إن هي إلا موتتنا الأولى } أي ليس هذا الا الموتة الاولى { وما نحن } أي لسنا بعدها بمبعوثين ولا معادين { بمنشرين } ويقولون { فأتوا بآبائنا } الذين ماتوا قبلنا واعيدوهم { إن كنتم صادقين } فى ان الله تعالى يقدر على اعادة الأموات واحيائهم لان من قدر على النشأة الثانية قدر على اعادة الآباء ، وهذا باطل لان النشأة الثانية انما وجبت للجزاء لا للتكليف ، فلا تلزم اعادة الآباء ولا تجب .