Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 44, Ayat: 41-50)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
عشر آيات كوفي وبصري وتسع في ما عداه ، عدّ الكوفيون والبصريون { الزقوم } ووافقهم عليه الشاميون والمدني الأول . وعدّ أيضاً العراقيون { يغلي في البطون } ووافقهم عليه المكيون والمدني الأخير . قرأ { يغلي } بالياء كثير وابن عامر وحفص عن عاصم . الباقون بالتاء . من قرأ بالياء رده إلى المهل . ومن قرأ بالتاء رده إلى الشجرة . قال ابو علي : من قرأ بالياء حمله على الطعام ، لان الطعام هو الشجرة فى المعنى ألا ترى انه خبر الشجرة والخبر هو المبتدأ بعينه إذا كان مفرداً فى المعنى ، ولا يحمل على ( المهل ) لان المهل إنما ذكر ليشبه به في الذوق ، لان التقدير إن شجرة الزقوم طعام الأثيم تغلي في البطون كالمهل على الحميم . لما ذكر الله تعالى أن يوم الفصل ميقات الخلق يحشرهم الله فيه ويفصل بينهم بالحق أي يوم هو ؟ فوصفه انه { يوم لا يغني فيه مولى عن مولى شيئاً } ، لأن الله تعالى أيأس من ذلك ، لما علم فيه من صلاح العباد ، ولولا ذلك لجاز أن يغرى . والمعنى إنه ليس لهم من ينتصر لهم من عقاب الله تعالى ، فلا ينافي ذلك ما نقوله : من أنه يشفع النبي والأئمة والمؤمنون فى إسقاط كثير من عقاب المؤمنين ، لأن الشفاعة لا تحصل إلا بأمر الله واذنه . والمراد في الآية أنه ليس لهم من يغني عنهم من غير أن يأذن الله له فيه على وجه الدفع عنه والنصر له ، وبين ذلك بقوله { ولا هم ينصرون } والمولى - هٰهنا - الصاحب الذي شأنه أن يتولى معونة صاحبه على أموره ، فيدخل فى ذلك ابن العم والحليف وغيره ممن هذه صفته وقد استثنا ما اشرنا اليه بقوله { إلا من رحم الله } فان من يرحمه الله اما أن يسقط عقابه ابتداء او يأذن في إسقاط عقابه بالشفاعة فيه . ثم وصف نفسه بأنه القادر الذي لا يغلب ولا يقهر بدفع العقاب عمن يريد فعله به { الرحيم } أي المنعم لمن يريد العفو عنه باسقاط عقابه . ثم اخبر تعالى { إن شجرة الزقوم طعام الأثيم } الذي يستحق العقاب بمعاصيه وعنى به - ههنا - أبو جهل ، فالزقوم ما أكل بتكرّه شديد له ، لانه يخشو به فمه ويأكله بشره شديد ، ولهذا حكي عن أبي جهل انه أتى بتمر وزبد ، فقال : نحن نتزقم هذا أي نملأ به أفواهنا فما يضرنا . ثم شبه ذلك بأنه مثل المهل ، وهو الشيء الذي يذاب فى النار حتى يشتد حره كالفضة والرصاص وغيرهما مما يماع بالنار ، وهو مهل ، لأنه يمهل فى النار حتى يذوب . وقال ابن عباس : المهل ما أذيب بالنار كالفضة ، وهو قول ابن مسعود وروي عن ابن عباس ايضاً أن المهل دردي الزيت فى النار . ثم وصف ( المهل ) بأنه { يغلي في البطون } من حرارته ، كما يغلي الحميم وهو الماء المغلي على النار ، فالمهل يغلي في بطون أهل النار ، كما يغلي الماء بحر الايقاد والغلي إرتفاع المائع من الماء ونحوه بشدة الحرارة . والحميم الحار ومنه أحم الله ذلك من لقاء أي ادناه وقربه لان ما حم فللاسراع وما برد فللابطاء ، ومنه حمم ريش الطائر إذا قرب خروجه . ثم بين أنه تعالى يأمر الملائكة بأن يأخذوا الكافر وأن يعتلوه { إلى سواء الجحيم } يعني إلى وسطه . والعتل زعزعة البدن بالجفاء والغلظة للاهانة ، فمعنى " اعتلوه " اعملوا به هذا العمل ، ومنه العتل ، وهو الجافى الغليظ يقال : عتله يعتله ويعتله عتلا إذا ساقه دفعاً وسحباً . قال الفرزدق : @ ليس الكرام بنا حليك إباءهم حتى ترد إلى عطية تعتل @@ و { سواء الجحيم } وسطه - في قول قتادة - وسمي وسط الشيء سواء ، لاستواء المسافة بينه وبين أطرافه المحيطة به ، والسواء العدل كقولهم : هذا سواء بيننا وبينكم أي عدل . ثم بين تعالى أنه يأمرهم بأن يصبوا فوق رأس الكافر من عذاب الحميم . وهو ما فسرناه . ثم يخاطبه فيقول له { ذق إنك أنت العزيز الكريم } على وجه التهجين له بما كان يدعي له مما ليس به أي أنت كذلك عند نفسك وقومك . ويجوز ان يكون على معنى النقيض ، كأنه قيل : إنك انت الذليل المهين إلا أنه قيل : على تلك الجهة للتبعيد منها على وجه الاستخفاف به . وقيل إن الآية نزلت في أبي جهل ، وقد كان قال : ( أنا أعز من بها وأكرم ) - ذكره قتادة - وقيل : المعنى أنت الذي كنت تطلب العز فى قومك والكرم بمعصية الله . وقيل : المعنى إنك انت العزيز في قومك ، الكريم عليهم ، فما أغنى عنك . ثم قال { إن هذا } يعني العذاب { ما كنتم به تمترون } أي تشكون فيه في دار الدنيا . وفى الآية دلالة على بطلان قول من قال المعارف ضرورة . وقرأ الكسائي { ذق أنك } بفتح الهمزة بمعنى لأنك أنت العزيز أو بأنك الباقون - بكسر الهمزة - على وجه الابتداء بالخبر عنه ، ويكون التقدير ذق العذاب . ثم ابتدأ إنك . وقرأ { فاعتلوه } - بضم التاء - ابن كثير ونافع وابن عامر . الباقون بكسر التاء وهما لغتان على ما حكيناه .