Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 21-25)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ عاصم وحمزة وخلف { لا يرى } بالياء مضمومة ، على ما لم يسم فاعله { إلا مساكنهم } برفع النون . الباقون - بالتاء - ونصب النون . من ضم الياء فعلى ما لم يسم فاعله . ومن فتح التاء ، فعلى الخطاب ، والمعنيان متقاربان . يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله { واذكر } يا محمد { أخا عاد } يعني هوداً عليه السلام { إذ أنذر قومه } أي خوفهم من الكفر بالله وحذرهم معاصيه ودعاهم إلى طاعته { بالأحقاف } قال ابن عباس : هو واد بين عمان ومهوة ، وقال ابن اسحاق : الاحقاف الرمل في ما بين عمان إلى حضرموت . وقال قتادة : الاحقاق رمال مشرفة على البحر بالشجر من اليمن ، وقال الحسن : الاحقاف أرض خلالها رمال . وقال الضحاك : جبل بالشام يسمى بذلك ، قال العجاج : @ بات إلى ارطات حقف أحقفا @@ أي رمل مشرف ، وقال ابن زيد : الحقف الرمل يكون كهيئة الجبل . وقال المبرد : الحقف هو كثيب المكثر غير العظيم وفيه اعوجاج ، قال العجاج : @ سماوة الهلال حتى احقوقفا @@ وهو انحناؤه . وقوله { وقد خلت النذر } أي مضت الرسل { من بين يديه ومن خلفه } أي قدامه ووراءه { ألا تعبدوا إلا الله } أي انذرهم وخوفهم بان لا تعبدوا إلا الله . وقال لهم { إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم } يعني عذاب يوم القيامة . ثم حكى ما اجاب به قومه وانهم { قالوا أجئتنا } يا هود { لتأفكنا } أي لتلفتنا وتصرفنا { عن } عبادة { آلهتنا } بالكذب والافك { فأتنا بما تعدنا } من العذاب { إن كنت } صادقاً { من الصادقين } فانا لا نصدقك في ما تقوله ، فقال هود لهم { إنما العلم عند الله } يريد العلم بوقت إنزال العذاب بكم عند الله ، وهو العالم به ولا أعلمه مفصلا { وأبلغكم ما أرسلت به } أي أؤدي اليكم ما بعثت به اليكم من الدعاء إلى عبادة الله وإخلاص القربة اليه ، فلست اراكم تقبلون ذلك { ولكني أراكم قوماً تجهلون } أي تفعلون ما يفعله الجهال . وقوله { فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم } معناه فلما رأو العذاب وشاهدوه أطل عليهم { قالوا هذا عارض } أي سحاب { ممطرنا } والعارض المار بمعنى انه لا يلبث من خير أو شر ، فلما رأو العارض ظنوا انه عارض خير بالمطر ، فقيل لهم ليس الأمر كما ظننتم { بل هو ما استعجلتم } أي هو عارض من العذاب الذي استعجلتموه وطلبتموه مكذبين به ، وقال ( عارض ) نكرة و ( ممطرنا ) معرفة ، وإنما وصفه به لان التقدير ممطر إيانا ، كقولك : مررت برجل مثلك أي مثل لك ثم فسره فقال " هو ريح فيه عذاب عظيم " أي مؤلم ، وسمي السحاب عارضاً ، لأخذه فى عرض السماء ، وقال الاعشى : @ يا من رأى عارضاً قد بت أرمقه كأنما البرق فى حافاته الشعل @@ وقيل : كانت الريح ترفع الظعينة بحملها حتى ترى كأنها جرادة - فى قول عمرو بن ميمون - وقوله تعالى { تدمر كل شيء } أي تخرب وتلقي بعض الاشياء على بعض حتى تهلك ، قال جرير : @ وكان لهم كبكر ثمود لما رغا ظهراً فدمرهم دمارا . @@ وقوله { فأصبحوا } يعني اهل الاحقاف { لا يرى إلا مساكنهم } وما عداها قد هلك . فمن فتح التاء نصب النون من { مساكنهم } على وجه الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله . ومن ضم الياء ضم النون وتقديره فأصبحوا لا يرى شيء فى مساكنهم وقرأ الحسن بالتاء والضم . وقال النحويون : القراءة بالياء ضعيفة فى العربية ، لأن العرب تذكر ما قبل ( الا ) فى الجحد ، فتقول : ما قام إلا اختك ، لان المحذوف ( أحد ) وتقديره ما قام احد إلا اختك قامت . ثم قال تعالى مثل ما أهلكنا اهل الاحقاف وجازيناهم بالعذاب { كذلك نجزي القوم المجرمين } الذين سلكوا مسلكهم .