Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 16-20)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ " نتقبل ، ونتجاوز " بالنون فيهما حمزة والكسائي وخلف ، على وجه الاخبار من الله عن نفسه ولقوله { ووصينا } الباقون بالياء فيهما ، على ما لم يسم فاعله . وروى هشام " اتعداني " بنون مشددة . الباقون بنونين . وقرأ ابن كثير وأهل البصرة وعاصم إلا الكسائي عن ابي بكر والحلواني عن هشام { وليوفينهم } بالياء . الباقون بالنون . وقرأ ابن ذكوان وروح { أاذهبتم } بهمزتين مخففتين على الاستفهام . وقرأ ابن كثير وابو جعفر وهشام بتخفيف الاولى وتليين الثانية وفصل بينهما بالف ابو جعفر والحلواني عن هشام . الباقون بهمزة واحده على الخبر . لما اخبر تعالى بما أوصى به الانسان ان يعمله ويقوله عند بلوغ أشده اخبره بعده بما يستحقه من الثواب إذا فعل ما أمره به تعالى فقال { أولئك } يعني الذين فعلوا ما وصيناهم به من التائبين المسلمين هم { الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا } من قرأ بالنون اضاف الفعل إلى الله وانه أخبر عن نفسه بأنه يفعل بهم . ومن قرأ بالياء والضم فيهما لم يذكر الفاعل لانه معلوم أن المراد به أن الله الذي يتقبل الطاعات ويجازي عليها . وقوله { أحسن ما عملوا } يعني ما يستحق به الثواب من الواجبات والمندوبات ، لأن المباحات وإن كانت حسنة لا يستحق بها الثواب ولا توصف بأنها متقبلة ، لانه لا يتقبل إلا ما ذكرناه من واجب او ندب . ثم قال { ونتجاوز عن سيئاتهم } التي اقترفوها فلا نؤاخذهم بها إذا تابوا منها أو اردنا أن نتفضل عليهم باسقاطها ، وقوله { في أصحاب الجنة } أي هم فى اصحاب الجنة { وعد الصدق } أي وعدهم وعد الصدق لا الكذب ، فهو نصب على المصدر { الذي كانوا يوعدون } به فى دار الدنيا إذا اطاعوا الله . ثم اخبر تعالى عن حال { الذي قال } أي الذي يقول { لوالديه أف لكما } ومعناه أنه فى موضع ضجر منهما ، وقيل : معناه نتناً وقذراً لكما ، كما يقال عند شم الرائحة الكريهة . وقال الحسن : هو الكافر الفاجر العاق لوالديه المكذب بالبعث وانه يتأفف بهما إذا دعواه إلى الاقرار بالبعث والنشور . وقال قوم : نزلت الآية فى عبد الرحمن بن ابي بكر قبل ان يسلم . ثم بين أنه يقول لهما { أتعدانني أن أخرج } من القبر وأحيا وابعث { وقد خلت القرون من قبلي } أي مضت امم قبلي وماتوا فما أخرجوا ولا اعيدوا { وهما } يعني والديه { يستغيثان الله } ويقولان له { ويلك آمن إن وعد الله حق } والبعث والنشور والثواب والعقاب { فيقول } فى جوابهما { ما هذا إلا أساطير الأولين } أي ليس هذا إلا أخبار الأولين وسطروها ، وليس لها حقيقة ، فقال تعالى { أولئك الذين حق عليهم القول } باستحقاق العقاب وإدخالهم النار { في أمم } أي مع أمم وجماعات { قد خلت من قبلهم من الجن والإنس } على مثل حالهم ومثل اعتقادهم . وقال قتادة : قال الحسن : الجن لا يموتون ، قال قتادة : فقلت { أولئك الذين حق عليهم القول … } الآية تدل على خلافه ، ويجوز ان يكون الحسن أراد انهم لا يموتون فى دار الدنيا ويبقون إلى وقت قيام الساعة . ثم يميتهم الله كما ان ذلك سبيل كل خلق من الملائكة . ثم قال تعالى مخبراً عن حالهم { إنهم } يعني الذين وصفهم { كانوا قوماً خاسرين } فى أمورهم ، لانهم خسروا الثواب الدائم وحصل لهم العقاب المؤبد . ثم قال { ولكل درجات مما عملوا } أي لكل مطيع درجات ثواب ، وإن تفاضلوا فى مقاديرها . وقوله { وليوفيهم } من قرأ بالياء معناه ليوفيهم الله . ومن قرأ بالنون فعلى وجه الاخبار من الله عن نفسه انه يوفيهم ثواب اعمالهم من الطاعات { وهم لا يظلمون } أي من غير ان ينقص منه شيئاً . ثم قال تعالى { ويوم يعرض الذين كفروا على النار } يعني يوم القيامة { أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا } أي يقال لهم على وجه التهجين والتوبيخ { أذهبتم طيباتكم } أي انفقتم ذلك فى ملاذ الدنيا ، وفي معاصي الله ، ولم تستعملوها فى طاعاته . فمن خفف الهمزتين أراد بالف الاستفهام التوبيخ . ومن لين الثانية كره الجمع بين الهمزتين . ومن قرأ على الخبر ، فعلى تقدير يقال لهم { أذهبتم } أو يكون حذف احدهما تخفيفاً ويكون المحذوفة الاصلية ، لان همزة الاستفهام ادخلت لمعنى . وقوله { واستمتعتم بها } يعني بالطيبات . ثم حكى ما يقال لهم بعد ذلك فانه يقال لهم { فاليوم تجزون عذاب الهون } يعني عذاب الهوان - في قول مجاهد { بما كنتم تستكبرون في الأرض } أي جزاء بما كنتم تطلبون التكبّر والتجبر على الناس { بغير الحق } أي بغير استحقاق { وبما كنتم تفسقون } أي تخرجون من طاعة الله الى معاصيه .