Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 11-15)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ست آيات بصري ، وخمس في ما عداه ، عدّ البصريون { للشاربين } ولم يعده الباقون . قرأ ابن كثير { أسن } على وزن ( فعل ) . الباقون على وزن ( فاعل ) ومعناهما واحد ، لان المعنى من ماء غير متغير . لما اخبر الله تعالى انه أهلك الامم الماضية بكفرهم وأن للكافرين أمثالها بين أنه لم كان كذلك ؟ فقال { ذلك } أي الذي فعلناه فى الفريقين { بأن الله مولى الذين آمنوا } ينصرهم ويدفع عنهم لأن الله مولى كل مؤمن { وأن الكافرين لا مولى لهم } ينصرهم من عذابه إذا نزل بهم ولا أحد يدفع عنهم لا عاجلا ولا آجلا . ثم اخبر تعالى انه { يدخل الذين آمنوا } بتوحيده وصدقوا نبيه { وعملوا الصالحات } مضافة اليها { جنات } أي بساتين تجنها الاشجار { تجري من تحتها الأنهار } وقيل : ان أنهار الجنة فى أخاديد من الارض ، فلذلك قال من تحتها . ثم قال { والذين كفروا } بتوحيده وكذبوا رسله { يتمتعون } فى دار الدنيا ويلتذون فيها { ويأكلون } المآكل فيها { كما تأكل الأنعام } أي مثل ما تأكل الانعام والبهائم ، لانهم لا يعتبرون ولا ينظرون ولا يفكرون ولا يفعلون ما أوجبه الله عليهم ، فهم بمنزلة البهائم . وقيل : إن المعنى بذلك الاخبار عن خستهم فى أكلهم بأنهم يأكلون للشره والنهم ، لانهم جهال . ثم قال { والنار مثوى لهم } أى موضع مقامهم الذي يقيمون فيه . ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله مهدداً لكفار قومه { وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك } يعني مكة { التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم } الآن فما الذي يؤمن هؤلاء أن يفعل بهم مثل ذلك . ومعنى ( وكأين ) ( وكم ) والأصل فيها ( أي ) قرية إلا أنها إذا لم تضف تؤنث . ثم قال على وجه التهجين للكفار والتوبيخ لهم { أفمن كان على بينة من ربه } أي حجة واضحة . قال قتادة : يعني محمداً صلى الله عليه وآله . وقال قوم : يعني به المؤمنين الذين عرفوا الله تعالى وأخلصوا العبادة { كمن زين له سوء عمله } من المعاصي زينها لهم الشيطان وأغواهم بها { واتبعوا أهواءهم } أي شهواتهم فى ذلك ، وما تدعوهم اليه طباعهم . ثم اخبر تعالى عن وصف الجنة التي وعد المتقين بها ، فقال { مثل الجنة } أي وصف الجنة { التي وعد المتقون } بها { فيها أنهار من ماء غير آسن } أي غير متغير لطول المقام { وأنهار من لبن لم يتغير طعمه } لمثل ذلك { وأنهار من خمر لذة للشاربين } يلتذون بشربها ولا يتأذون بها ولا بعاقبتها { وأنهار من عسل مصفى } من كل أذى { ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم } تلحقهم أي لا يلحقهم فى الجنة توبيخ بشيء من معاصيهم ، لان الله قد تفضل بسترها عليهم فصارت بمنزلة ما لم يعمل بابطال حكمها . وقوله { مثل الجنة } مرفوع بالابتداء ، وخبره محذوف ، وتقديره ما يتلى عليكم مثل الجنة التي وعد المتقون ، ولو جعل المثل مقحماً جاء الخبر المذكور عن الجنة كأنه قيل الجنة التي وعد المتقون فيها كذا وفيها كذا . وقوله { كمن هو خالد في النار } أي يتساوى من له نعيم الجنة على ما وصفناه ومن هو فى النار مؤبد ! ؟ ومع ذلك { سقوا ماء حميماً } أي حاراً { فقطع أمعاءهم } من حرارتها ، ولم يقل أمن هو فى الجنة لدلالة قوله { كمن هو خالد } عليه . وقيل : معنى قوله { كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميماً فقطع أمعاءهم } أي هل يكون صفتهما وحالهما سواء ؟ ! . ويتماثلان فيه ؟ ! فانه لا يكون ذلك أبداً .