Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 6-10)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما خبر الله تعالى انه سيهدي المؤمنين إلى طريق الجنة ، ويصلح حالهم فيها ، بين أنه ايضاً { يدخلهم الجنة عرفها لهم } وقيل فى معنى { عرفها لهم } قولان : احدهما - بانه عرفها لهم بان وصفها على ما يسوق اليها ، ليعملوا بما يستوجبونها به من طاعة الله وإجتناب معاصيه . والثاني - عرفها لهم بمعنى طيبها بضروب الملاذ ، مشتقاً من العرف ، وهي الرائحة الطيبة التي تتقبلها النفس تقبل ما تعرفه ولا تنكره . وقال ابو سعيد الخدري وقتادة ومجاهد وابن زيد : معناه انهم يعرفون منازلهم فيها كما كانوا يعرفون منازلهم فى الدنيا . وقال الحسن : وصف الجنة فى الدنيا لهم ، فلما دخلوها عرفوها بصفتها . ثم خاطب المؤمنين فقال { يا أيها الذين آمنوا } بتوحيد الله وصدقوا رسوله { إن تنصروا الله ينصركم } ومعناه إن تنصروا دينه بالدعاء اليه ، واضافه إلى نفسه تعظيماً كما قال { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً } وقيل معناه { تنصروا الله } تدفعوا عن نبيه { ينصركم } الله ، أي يدفع عنكم اعداءكم في الدنيا عاجلا ، وعذاب النار آجلا { ويثبت أقدامكم } فى حال الحرب . قيل : ويثبت أقدامكم يوم الحساب . ثم قال { والذين كفروا } بنعم الله وجحدوا نبوة نبيه { فتعساً لهم } أي خزياً لهم وويلا لهم ، فالتعس الانحطاط والعثار عن منازل المؤمنين { وأضل أعمالهم } أي أهلكها وحكم عليها بالضلال . وإنما كرر قوله { وأضل أعمالهم } و { فأحبط أعمالهم } تأكيداً ، ومبالغة فى الزجر عن الكفر والمعاصي وكرر ذكر النعيم إذا ذكر المؤمنين مبالغة فى الترغيب فى الطاعات . وإنما عطف قوله { وأضل } وهو ( فعل ) على قوله { فتعساً } وهو اسم ، لأن المعنى اتعسهم الله وأضل اعمالهم فلذلك حسن العطف . ثم بين تعالى لم فعل ذلك ، فقال فعلنا { ذلك } جزاء لهم على معاصيهم { بأنهم كرهوا ما أنزل الله } من القرآن والاحكام وأمرهم بالانقياد لها ، فخالفوا ذلك { فأحبط أعمالهم } من أجل ذلك أي حكم ببطلانها ، لأنها وقعت على خلاف الوجه المأمور به . ثم نبههم على الاستدلال على صحة ما دعاهم اليه من توحيده وإخلاص العبادة له ، فقال { أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم } حين أرسل الله اليهم الرسل فدعوهم إلى توحيده وإخلاص العبادة له ، فلم يقبلوا منهم وعصوهم وعملوا بخلافه ، فأهلكهم الله جزاء على ذلك { ودمر عليهم } مثل ما فعل بعاد وثمود وقوم لوط وأشباههم . ثم قال { وللكافرين } بك يا محمد إن لم يقبلوا ما تدعوهم إليه { أمثالها } أي امثال تلك العقوبات أي هم يستحقون مثلها ، وإنما يؤخر عذابهم تفضلا منه .