Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 21-25)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابو عمرو { وأملي لهم } على ما لم يسم فاعله . الباقون { وأملى لهم } بمعنى الشيطان أملى لهم ويجوز أن يريد ان الله أملى لهم كما قال { إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم } وقرأ يعقوب مثل أبي عمرو إلا انه أسكن الياء بمعنى الاخبار عن الله عن نفسه وابو عمرو جعله لما لم يسم فاعله . وقرأ رويس { توليتم } بضم التاء والواو وكسر اللام . الباقون بفتحهما . وقوله { طاعة وقول معروف } قيل فى معناه قولان : احدهما - قولوا أمرنا طاعة وقول معروف . قال مجاهد أمر الله بذلك المنافقين . وقيل هو حكاية عنهم أنهم يقولون { طاعة وقول معروف } مثل فرض الجهاد . لأنه يقتضيه قوله { فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم } . الثاني - طاعة وقول معروف أمثل أي اولى بالحق من أقوال هؤلاء المنافقين وقيل : طاعة وقول معروف خير لهم من جزعهم عند نزول فرض الجهاد - ذكره الحسن - والطاعة موافقه الارادة الداعية إلى الفعل بطريق الترغيب فيه . والقول المعروف هو القول الحسن ، وسمي بذلك لأنه معروف صحته ، وكذلك الأمر بالمعروف أي المعروف أنه حق . والباطل منكر ، لأنه تنكر صحته ، فعلى هذا المعنى وقع الاعتراف والانكار . وقوله { فإذا عزم الأمر } معناه إذا انعقد الأمر بالارادة انه يفعله فاذا عقد على انه يفعل قيل عزم الأمر على طريق البلاغة . وقيل معنى عزم أي جدّ الأمر { فلو صدقوا الله } يعني فى ما أمرهم به من القتال وامتثلوا أمره { لكان خيراً لهم } لأنهم كانوا يصلون إلى نعيم الأبد . ثم خاطبهم فقال { فهل عسيتم } يا معشر المنافقين أن توليتم . وقيل في معناه قولان : احدهما - { إن توليتم } الاحكام وجعلتم ولاة { أن تفسدوا } فى الارض بأخذ الرشا . وقيل أن اعرضتم عن كتاب الله ان تعودوا إلى ما كنتم من أمر الجاهلية أن يقتل بعضكم بعضاً كما كنتم تفعلونه . والثاني - ان توليتم الأمر أن يقطع بعضكم رحم بعض ، ويقتل بعضكم بعضاً كما قتلت قريش بني هاشم ، وقتل بعضهم بعضاً . وقيل المعنى ان اعرضتم عن كتاب الله والعمل بما فيه من وجوب القتال { أن تفسدوا في الأرض } بان تعملوا فيها بالمعاصي { وتقطعوا أرحامكم } فلا تصلونها ، فان الله تعالى يعاقبكم عليه بعذاب الأبد ويلعنكم . ثم قال { أولئك الذين لعنهم الله } أي أبعدهم الله عن رحمته { فأصمهم وأعمى أبصارهم } أي سماهم عمياً وصماً ، وحكم عليهم بذلك ، لانهم بمنزلة الصم والعمي من حيث لم يهتدوا إلى الحق ولا أبصروا الرشد ، ولم يرد الاصمام فى الجارحة والاعماء في العين ، لانهم كانوا بخلافه صحيحي العين صحيحي السمع . ثم قال موبخاً لهم { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } معناه أفلا يتدبرون القرآن بأن يتفكروا فيه ويعتبروا به أم على قلوبهم قفل يمنعهم من ذلك تنبيهاً لهم على ان الأمر بخلافه . وليس عليها ما يمنع من التدبر والتفكر والتدبر فى النظر فى موجب الأمر وعاقبته ، وعلى هذا دعاهم إلى تدّبر القرآن . وفى ذلك حجة على بطلان قول من يقول لا يجوز تفسير شيء . من ظاهر القرآن إلا بخبر وسمع . وفيه تنبيه على بطلان قول الجهال من اصحاب الحديث انه ينبغي ان يروى الحديث على ما جاء وإن كان مختلا فى المعنى ، لأن الله تعالى دعا إلى التدبر والفقه وذلك مناف للتاجل والتعامي . ثم قال { إن الذين ارتدوا على أدبارهم } أي رجعوا عن الحق والايمان { من بعد ما تبين لهم الهدى } أي ظهر لهم الطريق الواضح المفضي إلى الجنة . وليس فى ذلك ما يدل على ان المؤمن على الحقيقة يجوز ان يرتد ، لأنه لا يمتنع ان يكون المراد من رجع عن إظهار الايمان بعد وضوح الأمر فيه وقيام الحجة بصحته . ثم قال { الشيطان سوّل لهم } أي زين لهم ذلك . وقيل : معناه أعطاهم سؤلهم من خطاياهم { وأملى لهم } أي أمهلهم الشيطان ، وأملى لهم بالاطماع والاغترار . وقيل : المعنى واملى الله لهم أي اخرهم فاغتروا بذلك . ومن قرأ - على ما لم يسم فاعله - احتمل الامرين ايضاً . وقيل الآية نزلت فى اليهود ، لأنهم عرفوا صفات النبي صلى الله عليه وآله فى التوراة فلما جاءهم كفروا به . وقيل نزلت فى المنافقين حين صدوا عن القتال معه من بعد ما علموا وجوبه فى القرآن ،