Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 6-10)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن كثير وابو عمرو { دائرة السوء } بضم السين . الباقون بفتحها ، وقد فسرناه في ما تقدم . فالسوء المصدر والسوء الاسم . وقال قوم - بالفتح - الفساد مثل قوله { وظننتم ظن السوء } لأنهم ظنوا أن النبي صلى الله عليه وآله لا يعود إلى موضع ولادته أبداً . وقرأ ابن كثير وابو عمرو { ليؤمنوا بالله ورسوله ويعزروه ويوقروه ويسبحوه } بالياء أربعهن ، على وجه الاخبار من الله عز وجل عن نفسه . لما اخبر الله تعالى عن نفسه أنه يدخل المؤمنين والمؤمنات جنات ، ووصفها اخبر فى هذه الآية انه يعذب المنافقين والمنافقات وهم الذين يظهرون الايمان ويبطنون الشرك . والنفاق إسرار الكفر وإظهار الايمان ، فكل نفاق هو إظهار خلاف الابطان . وأصله من نافقاء اليربوع ، وهو أن يجعل لسربه بابين يظهر أحدهما ويخفي الآخر ، فاذا أتي من الظاهر خرج من الآخر ، فالمنافق يقوي الباطل على الحق بالظن له ، وإلقاء خلافه لتضييعه الدليل المؤدي اليه ، { والمشركين والمشركات } وهم الذين يعبدون مع الله غيره ، ويدخل فى ذلك جميع الكفار . ثم وصفهم فقال { الظانين بالله } يعني الذين يظنون بالله { ظن السوء } أي يتوهمون ان الله ينصرهم على رسوله ، وذلك قبيح لا يجوز وصف الله بذلك . ثم قال تعالى { عليهم دائرة السوء } فالدائرة هي الراجعة بخير او شر قال حميد بن ثور : @ ودائرات الدهر ان تدورا @@ ومن قرأ { دائرة السوء } بضم السين - أراد دائرة العذاب ، ومن قرأ - بالفتح - أراد ما عاد عليهم من قتل المؤمنين وغنمهم أموالهم ، فهدا حسن . وقيل { عليهم دائرة السوء } أي جزاء ظنهم السوء من العذاب . ومن ضم اراد الشر ، ويقال : رجل سوء - بالفتح - أي رجل فساد . ثم قال { وغضب الله عليهم } أي لعنه لهم وعذابه { ولعنهم } أي أبعدهم من رحمته . وقوله { وأعد لهم جهنم } يجعلهم فيها . ثم قال { وساءت مصيراً } أي ساءت جهنم مآلا ومرجعاً ، لما فيها من انواع العقاب . وقوله { ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزاً حكيماً } قد فسرناه ، وإنما أعيد ذكر { ولله جنود … } لأنه متصل بذكر المنافقين أي وله الجنود التي يقدر على الانتقام منكم بها ، وذكر أولا ، لأنه متصل بذكر المؤمنين أي له الجنود التي يقدر ان يغنيكم بها . والعزيز القادر الذي لا يقهر . وقيل { هو العزيز } فى إنتقامه من أعدائه { الحكيم } فى جميع أفعاله . ثم خاطب نبيه محمد صلى الله عليه وآله فقال { إنا أرسلناك } يا محمد { شاهداً } يعني على أمتك بالبلاغ والدعاء إلى إخلاص عبادته . أو شاهداً بما عملوه من طاعة ومعصية و { شاهداً } نصب على حال مقدر على القول الأول ، وعلى حال غير مقدرة على القول الثاني . { ومبشراً } نصب على الحال الحاصلة . والمعنى ومبشراً بالجنة لمن أطاع { ونذيراً } أي مخوفاً من النار لمن عصى - ذكره قتادة - ثم بين الغرض بالارسال ، فقال : أرسلناك بهذه الصفة { لتؤمنوا } ومن قرأ - بالياء - أي ليؤمنوا هؤلاء الكفار { بالله } . ومن قرأ - بالتاء - وجه الخطاب إلى الخلق أي أرسلته اليكم { لتؤمنوا بالله } فتوحدوه { ورسوله } فتصدقوه و { تعزروه } أي تنصروه ، فالهاء راجعة إلى النبي صلى الله عليه وآله وقال المبرد : معنى { تعزروه } تعظموه يقال : غررت الرجل إذا كبرته بلسانك { وتوقروه } أي تعظموه يعني النبي صلى الله عليه وآله - فى قول قتادة - وقال ابن عباس { تعزروه } من الاجلال { وتوقروه } من الاعظام . وقوله { وتسبحوه } يعني الله تعالى أى تنزهوه عما لا يليق به { بكرة وأصيلا } أى بالغداة والعشي . وقيل معناه تصلوا له بالغدوات والعشيات . وقوله { لتؤمنوا بالله ورسوله } فيه دلالة على بطلان قول المجبرة إن الله تعالى يريد من الكفار الكفر ، لأنه تعالى بين انه أراد من جميع المكلفين الطاعة ، ولم يرد أن يعصوا . ثم قال { إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله } فالمراد بالبيعة المذكورة - هٰهنا - بيعة الحديبية ، وهي بيعة الرضوان - فى قول قتادة ومجاهد - والمبايعة معاقدة على السمع والطاعة ، كالمعاقدة فى البيع والشراء بما قد مضي فلا يجوز الرجوع فيه . وقيل : إنها معاقدة على بيع أنفسهم بالجنة للزومهم فى الحرب النصرة . وقوله { يد الله فوق أيديهم } قيل فى معناه قولان : احدهما - عقد الله فى هذه البيعة فوق عقدهم لأنهم بايعوا الله ببيعة نبيه صلى الله عليه وآله والآخر - قوة الله فى نصرة نبيه صلى الله عليه وآله فوق نصرتهم . وقيل يد الله فى هدايتهم ، فوق أيديهم بالطاعة . وقوله { فمن نكث فإنما ينكث على نفسه } والنكث النقض للعقد الذي يلزم الوفاء به ، فبين تعالى أن من نقض هذه المبايعة ، فانما ينكث على نفسه ، لان ما فى ذلك من استحقاق العقاب عائد عليه { ومن أوفى } يقال : اوفى بالعقد ، ووفى . وأوفى لغة الحجاز . وهي لغة القرآن { بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً } أي إذا اوفى بالبيعة ونصر دينه ونبيه آتاه الله فى ما بعد أجراً عظيماً وثواباً جزيلا . ومن ضم الهاء فى { عليه } وهو حفص ، فلأنها الأصل . ومن كسرها فللمجاورة للياء