Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 105-105)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما بين الله تعالى حكم الكفار الذين قلدوا آباءهم واسلافهم وركنوا اليهم في أديانهم ، ذكر في هذه الآية أن المكلف انما يلزمه حكم نفسه وأنه لا يضره ضلال من ضل اذا كان هو مهتدياً ، حتى يعلم بذلك أنه لا يلزمهم من ضلال آبائهم شيء من الذم والعقاب . و { أنفسكم } نصب على الاغراء كأنه قال : احفظوا أنفسكم أن تزلوا كما زل غيركم . والعرب تغري بـ ( عليك ، واليك ، ودونك ، وعندك ) فينصبون الاسماء بها ، ولم يغروا بـ ( منك ) كما أغروا بـ ( اليك ) ، لأن ( اليك ) أحق بالتنبيه من ( منك ) . والاغراء تنبيه على ما يجب أن يحذر ، ولذلك لم يغروا بـ ( فيك ) ونحوها من حروف الاضافة . وحكى المغربي : أنه سمع من يغري بـ ( وراءك ) و ( قدامك ) . وليس في الآية ما يدل على سقوط انكار المنكر . وإنما يجوز الاقتصار على الاهتداء بأتباع أمر الله في حال التقية ، هذا قول ابن مسعود ، على أن الانسان إِنما يكون مهتدياً اذا اتبع أمر الله في نفسه وفي غيره بالانكار عليه . وروي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال " اذا رأوا الناس منكراً فلم يغيروه عمهم الله بالعقاب " وفي الآية دلالة على فساد مذهب المجبرة في تعذيب الاطفال ، لأنه لو كان الامر على ما قالوه لم يأمن المؤمنون أن يؤخذوا بذنوب آبائهم ، وقد بين الله تعالى أن الامر بخلافه مؤكداً لما في العقل . وقوله { إلى الله مرجعكم جميعاً } معناه اليه تعالى مآلكم في الوقت الذي لا يملك أحد الضرر والنفع سواء بخلاف دار الدنيا التي مكن الله تعالى الخلق من الضرر والنفع فيها . وقوله { فينبئكم } معناه يخبركم بأعمالكم التي عملتموها في الدنيا من الطاعات والمعاصي ، ويجازيكم بحسبها ، وفي ذلك غاية الزجر والتهديد . وقوله { لا يضركم } يحتمل أن يكون جزماً لأنه جواب الامر ، وحرك الراء لانها ثقيلة وأولها ساكن ، فلا يستقيم إِسكان آخرها ، فيلتقي ساكنان . قال الاخفش : والأجود أن يكون رفعاً على الابتداء ، لأنه ليس بعلة لقوله { عليكم أنفسكم } وإِنما أخبر أنه لا يضرهم .