Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 12-12)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الميثاق : اليمين المؤكدة ، لانه يستوثق بها من الأمر ، فاخذ الله ميثاقهم باخلاص العبادة له ، والايمان برسله . وما يأتون به من شرايع دينه . وقوله : { بعثنا منهم اثني عشر نقيباً } فالنقيب فيه أربعة أقوال : قال الحسن : هو الضمين وقال الربيع : هو الامين . وقال قتادة : هو الشهيد على قومه . وقال قوم : هو الرئيس من العرفاء . [ اللغة ] : واصل النقيب في اللغة النقب وهو الثقب الواسع . وقال ابو مسلم : هو فعيل بمعنى مفعول كانه اختير ونقر عليه ، فقيل نقيب ، لانه ينقب عن احوال القوم ، كما ينقب عن الاسرار . ومنه نقاب المرأة . ومنه المناقب وهي الفضائل . والنقب : الطريق في الجبل . ويقال نقب الرجل على القوم ينقب نقبا : إذا صار نقيباً . ونكب عليهم ينكب نكابة : إذا صار منكباً . وهو عون العريف . وقد نقب نقابة . والنقبة سراويل بغير رجلين لاتساع نقبه تلبسة المرأة . وأول الجرب النقبة وجمعها النقب . والنقب قال الشاعر : @ متبذلا تبدو محاسنه يضع الهاء مواضع النقب @@ ويقال : كلب نقيب إذا نقب حنجرته ، لئلا يرتفع صوته في نباحه يفعل ذلك البخلاء ، لئلا يطرقهم ضيف بسماع نباح الكلاب . ومنه نقبت الحائط : إذا بلغت في النقب آخره . وفي معنى قوله : { اثني عشر نقيباً } قولان : احدهما - قال الحسن والجبائي : أنه اخذ من كل سبط منهم ضميناً بما عقد عليهم بالميثاق من امر دينهم . الثاني قال مجاهد والسدي : إنهم بعثوا إلى الجبارين ، ليقفوا على آثارهم ويرجعوا بذلك إلى موسى ، فرجعوا ينهون قومهم عن قتالهم لما رأوا من شدة بأسهم ، وعظم خلقهم إلى اثنين منهم . وقال البلخي : يجوز أن يكون النقباء رسلا ويجوز ان يكونوا قادة . وقوله : { بعثنا } لا يدل على أنهم رسل ، كما اذا قال القائل : الخليفة بعث الامير أو القضاة لا يفيد أنهم رسل ، بل يفيد أنه ولاهم وقلدهم . والغرض بذلك إعلام النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أن هؤلاء الذين هموا بقتل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) صفاتهم وأخلاقهم أخلاق أسلافهم الغدر ، ونقض العهد . وقوله : { وقال الله إني معكم } معناه ناصركم على عدوكم وعدوي الذي أمرتكم بقتالهم إن قاتلتموهم ، ووفيتم بعهدي وميثاقي الذي أخذته عليكم . وفي الكلام حذف ، وتقديره وقال الله : إني معكم . وإنما حذف استغناء بقوله : { ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل } ثم ابتدأ تعالى قسما ، لئن أقمتم الصلاة معشر بني إسرائيل { وآتيتم الزكاة } أي اعطيتموها { وآمنتم برسلي } معناه وصدقتم بما اتاكم به رسلي من شرائع ديني وقال الربيع بن أنس : هذا الخطاب من الله للنقباء وقال غيره : هو خطاب لنبي اسرائيل . والتقديران موسى ( ع ) قال لهم عن الله تعالى : إن الله ناصركم على عدوكم ما اقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي { وعززتموهم } قيل معناه قولان : احدهما - قال مجاهد والسدي : معناه نصرتموهم وهو اختيار الزجاج . الثاني - قال عبد الرحمن بن زيد : معناه ونصرتموهم وأطعتموهم . وبه قال أبو عبيدة . والعزز - في اللغة - : الرد والمنع في قول الفراء تقول : عزرت فلاناً : إذا أدبته ، وفعلت به ما يردعه عن القبيح . وقال تعالى : { وتعزروه وتوقروه } ومعناه تنصروه . وإلا كان تكراراً . وهو اختيار الطبري وأنشد أبو عبيدة في التعزير بمعنى التوقير قول الشاعر : @ وكم من ما جد لهم كريم ومن ليث يعزر في الندي @@ أي يعظم . وهو قول أبي علي . وقوله : { وأقرضتم الله قرضاً حسناً } معناه وانفقتم في سبيل الله ، وجهاد عدوه وعدوكم قرضاً حسناً . وقيل : معناه بطيبة نفس . وقيل معناه الا يتبعه من ولا اذى . وقيل من الحلال دون الحرام . وانما قال : قرضاً ، ولم يقل إقراضاً ، لانه رده إلي قرض قرضاً ، كما قال : { أنبتكم من الأرض نباتاً } ولم يقل إنباتاً ويقال : اعطيته عطاء . وقال امرؤ القيس : @ ورضت فذلت صعبة اي إذلال @@ لان فيه معنى اذللت . وقوله : { لأكفرن عنكم سيئاتكم } اللام جواب القسم . وهو قوله : { لئن أقمتم الصلاة } فالأولى لام القسم والثانية جوابه ، وقال قوم : كل واحد منهما قسم . وصحيح الأول ، لان الكلام لم يتم في قوله : { لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكوة } ومعنى { لأكفرن } لاعطين بعفوي وصفحي عن عقوبتكم على ما مضى اجرامكم ، ولادخلنكم مع ذلك جنات تجري من تحتها الانهار والجنات البساتين والكفر معناه الجحود ، والتغطية والستر . قال لبيد : @ في ليلة كفر النجوم غمامها @@ وقوله تجري من تحتها يعني من تحت اشجار هذه الجنات الانهار . وقوله : فمن كفر بعد ذلك منكم يعني من جحد منكم يا معشر بني اسرائيل ما أمرته به ، فتركه أو ركب ما نهيته عنه بعد اخذي الميثاق عليه ، فقد ضل يعني أخطأ قصد الطريق الواضح ، وزال عن منهاج السبيل القاصد . والضلال هو الركوب على غير هدى . وسواء السبيل يعني وسطه .