Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 15-16)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
آيتان كوفي وثلاث بصري ومدني . هذا خطاب لأجل الكتاب من اليهود والنصارى الذين عصوا الرسول فيما أمرهم به ، ودعاهم اليه ، فقال لهم . قد جاءكم رسولنا محمد ( صلى الله عليه واله ) يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب أي يبين للناس ما كنتم تخفونه . وقال ابن عباس وقتادة : إن مما بينه رجم الزانين ، وأشياء كانوا يحرفونها بسوء التأويل . وانما لم يقل : يا أهل الكتابين ، لأن الكتاب اسم جنس . وفيه معنى العهد ، وهو أو جزوا حسن في اللفظ من حيث كانوا ، كانهم أهل كتاب واحد . والوجه في تبيين بعضه ، وترك بعضه أنه يبين ما فيه دلالة على نبوة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من صفاته ، ونعته ، وبشارته به ، وما يحتاج إلى علمه من غير ذلك مما تتفق له الأسباب التي يحتاج معها إلى استعلام ذلك ، كما اتفق في الرجم وما عدا هذين مما ليس في تفصيله فائدة يكفي ذكره في الجملة . وقوله : { ويعفو عن كثير } معناه يترك كثيراً لا يأخذكم به ، ولا يذكره لانه لم يؤمر به على قول ابي علي وقال الحسن : ويصفح عن كثير بالتوبة منه . ومعنى النور في الآية يحتمل امرين : احدهما - أنه النبي ( صلى الله عليه واله ) في قول الزجاج والاخر - هو القرآن على قول ابي علي وانما سمي نوراً ، لانه يهتدى به كما يهتدى بالنور ، ويجب ان يتبع لانه نور مبين عن الحق من الباطل في الدين . والاولى ان يكون كناية عن النبي ، لأن قوله : { وكتاب مبين } المراد به القرآن ، وقوله : { يهدي به الله } يعني يفعل اللطف المؤدي الى سلوك طريق الحق يعني بالنبي ( صلى الله عليه واله ) او الكتاب { من اتبع رضوانه } يعني رضا الله والرضوان والرضا من الله ضد السخط . وهو ارادة الثواب لمستحقه وقال قوم : هو المدح على الطاعة والثناء . وقال الرماني : هو جنس من الفعل يقتضي وقوع الطاعة الخالصة مما يبطلها ، ويضاد الغضب . قال لان الرضا بما كان يصح ، وارادة ما كان لا يصح إذ قد يصح أن يرضى بما كان ، ولا يصح أن يريد ما كان . وهذا الذي ذكره ليس بصحيح ، لان الرضا عبارة عن ارادة حدوث الشيء من الغير ، غير انها لا تسمى بذلك إلا إذا وقع مرادها ، ولم يتخللها كراهة ، فتسميتها بالرضا ، موقوفة على وقوع المراد إلا أن بعد وقوع المراد بفعل ارادة هي رضا لما كان فسقط ما قاله . وقوله : { سبل السلام } السبل جمع سبيل . وفي السلام قولان : احدهما - هو الله في قول الحسن والسدي - والمعنى دين الله . وقال : { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن } الثاني - قال الزجاج : إنه السلامة من كل مخافة ومضرة إلا ما لا يعتد به ، لانه يؤول إلى نفع في العاقبة . وقوله : { يخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه } معناه من الكفر الى الايمان ، لان الكفر يتحير فيه صاحبه كما يتحير في الظلام ، ويهتدي بالايمان إلى النجاة كما يهتدي . بالنور وقوله : { بإذنه } معناه بلطفه . وقوله : { يهديهم إلى صراط مستقيم } معناه يرشدهم إلى طريق الحق . وهو دين الحق . وقال الحسن : هو الذي يأخذ بصاحبه حتي يؤديه إلى الجنة . وبه قال أبو علي . ومعنى { صراط مستقيم } طريق مستقيم وهو دين الله القويم الذي لا اعوجاج فيه .