Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 18-18)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

روي عن ابن عباس أن جماعة من اليهود قالوا للنبي حين حذرهم بنقمات الله وعقوباته ، فقالوا : لا تخوفنا فاننا ابناء الله واحباؤه وقال السدي : إن اليهود تزعم ان الله عز وجل أوحى الى بني اسرائيل إن ولدك بكر من الولد . وقال الحسن : انما قالوا ذلك على معنى قرب الولد من الوالد . واما قول النصارى ، فقيل فيه : إنهم تأولوا ما في الأنجيل من قول عيسى اذهب الى ابي وأبيكم . وقال قوم : لما قالوا : المسيح ابن الله أجرى ذلك على جميعهم ، كما يقولون : هذيل شعراء أي منهم شعراء وكما قالوا في رهط مسيلمة قالوا : نحن انبياء أي قال قائلهم . وكما قال جرير : @ ندسنا ابا مندوسة القين بالقنى @@ فقال : ندسنا . وانما النادس رجل من قوم جرير . وقوله : { وأحباؤه } جمع حبيب ، فقال الله لنبيه محمد ( صلى الله عليه واله ) قل لهؤلاء المفترين على ربهم : { فلم يعذبكم بذنوبكم } فلاي شيء يعذبكم بذنوبكم إن كان الأمر على ما زعمتم ، فان الأب يشفق على ولده . والحبيب على حبيبه ، لا يعذبه وهم يقرون بأنهم معذبون ، لانهم لو لم يقولوا به ، كذبوا بكتبهم وأباحوا الناس ارتكاب فواحشهم . واليهود تقر انهم يعذبون أربعين يوماً . وهي عدد الايام التي عبدوا فيها العجل . وقوله : { بل أنتم بشر } معناه قل لهم : ليس الامر على ما زعمتم انكم ابناء الله واحباؤه ، بل انتم بشر ممن خلق من بني آدم ان أحسنتم جوزيتم على إحسانكم مثلهم ، وإن اسأتم ، جوزيتم علي إساءتكم ، كما يجازى غيركم . وليس لكم عند الله إلا ما لغيركم من خلقه . وقوله : { يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء } فانه وان علق العذاب بالمشيئة ، فالمراد به المعصية ، لانه تعالى لا يشاء العقوبة إلا لمن كان عاصياً ، فكان ذكرها أوجزوأ بلغ ، لما في ذلك من رد الامر الى الله الذي يجازي به على وجه الحكمه . وانما هذا وعيد من الله لهؤلاء اليهود والنصارى المتكلين على منازل أسلافهم في الجنان عندهم . فقال الله تعالى : لا تغتروا بذلك فانهم نالوا ما نالوا بطاعتي وايثار رضاي ، لا بالاماني . وقال السدي : معنى { يغفر لمن يشاء } يعني يهدي من يشاء في الدنيا فيغفر له ، ويميت من يشاء على كفره ، فيعذبه . وقوله تعالى : { ولله ملك السماوات والأرض } معناه انه يملك ذلك وحده لا شريك له يعارضه ، فقد وجب اليأس مما قدروا من كل جهة ، وأنه لا منجي لهم الا بالعمل بطاعة الله واجتناب معاصيه . وقال أبو علي : ذلك بأنه يملك السموات ، والارض وما بينهما على أنه لا ولد له ، لان المالك لذلك لا شبه له ، ولان المالك لا يملك ولده لخلقه له . وقوله : { وإليه المصير } معناه انه يوؤل اليه امر العباد في أنه لا يملك ضرهم ، ولا نفعهم غيره - عز وجل - ، لانه يبطل تمليكه لغيره ذلك اليوم كما ملكهم في دار الدنيا كما يقال : صار أمرنا الى القاضي لا على معنى قرب المكان ، وإنما يراد بذلك أنه المتصرف فينا والآمر لنا دون غيره .