Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 20-20)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في هذه الآية اعلام من الله تعالى للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) قديم تمادي هؤلاء اليهود في الغي وبُعدهم من الحق وسوء اختيارهم لانفسهم وشدة خلافهم لانبيائهم مع كثرة نعم الله عليهم وتتابع أياديه وآلائه عليهم ، مسلياً بذلك نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) من مقاساتهم في ذات الله . فقال : فاذكر يا محمد إذ قال موسى لهم { يا قوم اذكروا . نعمة الله عليكم } وأياديه لديكم وآلائه عليكم . وهو قول ابن عباس وابن عيينة . وقوله { إذ جعل فيكم أنبياء } يعني ان موسى ذكر قومه بنعمه عليهم ، وبلائه لديهم فقال لهم { اذكروا نعمة الله عليكم } إذ فضلكم بأن جعل فيكم أنبياء يخبرونكم بأنباء لغيب ، ولم يعط ذلك غيركم في زمانكم هذا ، وقيل ان الأنبياء الذين ذكرهم الله أنهم جعلوا فيهم هم الذين اختارهم موسى إلى الجبل : وهم السبعون الذين ذكرهم الله تعالى فقال { واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا } وقال قوم : هم الأنبياء الذين كانوا بعد موسى ( ع ) . وقوله { وجعلكم ملوكاً } معناه سخر لكم من غيركم خدماً يخدمونكم . وقال قتادة : لأنهم أول من سخر لهم الخدم من بني اسرائيل ، وملكوا . وقال قوم : كل من ملك بيتاً أو خادماً أو امرأة ولا يدخل عليه إلا بأمره فهو ملك - كائناً من كان - ذهب اليه عمرو بن العاص وزيد بن اسلم والحسن والفراء قال : هؤلاء إنما خاطبهم موسى بذلك لأنهم كانوا يملكون الدور والخدم ولهم نساء وأزواج . وبه قال الحسن وابن عباس ومجاهد . وروي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) . وقال السدي جعلهم ملوكاً يملك الرجل منهم نفسه وأهله وماله . وقال الزجاج : جعلكم الله تملكون أمركم ولا يغلبكم عليه غالب . وقال البلخي : ليس ينكر أن يكون الله جعل لهم الملك والسلطان ووسع عليهم التوسعة التي يكون الانسان بها ملكاً . وقال المؤرج : معناه - بلغة كنانة وهذيل - جعلكم أحراراً . وقال أبو علي : الملك هو الذي له ما يستغني به عن تكلف الاعمال وتحمل المشاق ، والتسكع في المعاش . وقال ابن عباس ، ومجاهد : جُعلوا ملوكاً بالمن والسلوى والحجر والغمام . وزاد الجبائي : وبغير ذلك من الاموال . وقال قوم : ملكوا أنفسهم بالتخلص من الغيظ . وقوله : { وآتاكم ما لم يؤت أحداً من العالمين } يعني أعطاكم ما لم يعط أحداً من عالمي زمانهم . وهو قول الحسن والبلخي . وقال أبو علي : أعطاكم مالم يعط أحداً من العالمين أي من اجتماع هذه الامور وكثرة الأنبياء فيهم ، والآيات التي جاءتهم ، إنزال المن والسلوى عليهم . وهو قول الفراء والزجاج . وقال ابن عباس ومجاهد والحسن : هذا خطاب موسى لامته - وهو الأظهر - وقال سعيد بن جبير ، وأبو مالك : هو خطاب من الله لامة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) . وإِنما قلنا : أن الاول أولى لأن الله أخبر حاكياً عن موسى ( ع ) أنه قال لهم { اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً } ثم عطف على ذلك قوله : { وآتاكم ما لم يؤت أحداً من العالمين } فالعدول عن ذلك من غير ضرورة لا يجوز . وقوله : { أنيباء } لا ينصرف في معرفة ولا نكرة لان علامة التأنيث فيها لازمة مثل حمراء تأنيث أحمر . ويخالف ذلك علامة التأنيث في طلحة وقائمة تأنيث قائم فلذلك انصرف هذا في النكرة دون المعرفة .