Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 62-62)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وصف الله تعالى المنافقين الذين تقدم وصفهم لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) بأنه { ترى كثيراً منهم يسارعون } أي يبادرون في الاثم والعدوان . قال السدي : الاثم الكفر ، وقال غيره وهو يقع على كل معصية وهو الاولى . والفرق بين الاثم والعدوان أن الاثم الجرم كائنا ما كان ، والعدوان الظلم ، فهم يسارعون في ظلم الناس وفي الجرم الذي يعود عليهم بالوبال والخسران . وقيل - العدوان من عدوهم على الناس بما لا يحل . وقيل - لمجاوزتهم حدود المجاوزتهم حدود الله وتعديتهم اياها . ويقال تأثم اذا تحرج من الاثم . والآثم الفاعل للاثم . والسحت الرشوة في الحكم - في قول الحسن - وأصله استئصال القطع فيكون من هذا لانه يقتضي عذاب الاستئصال ويتكرر لانه يقتضي استئصال المال بالذهاب . وانما قال { يسارعون } بدل قوله { يعجلون } وان كانت العجلة أدل على الذم لامرين : أحدهما - أنهم يبادرون اليه كالمبادرة الى الحق ، فأفاد { يسارعون } أنهم يعملونه كأنهم محقون فيه . والآخر - لازالة إِيهام أن الذم من جهة العجلة ، وايجابه في الاثم والعدوان . وقوله { لبئس ما كانوا يعملون } يدل على أن الحمد والذم يكونان للافعال ، لانه بمنزلة بئس العمل عملهم ، وهذا ذم لذلك العمل إِلا انه جرى على طريقة الحقيقة أو طريقة المجاز بدليل آخر يعلم . وقد كثر استعماله حتى قيل الاخلاق المحمودة والاخلاق المذمومة . ونعم ما صنعت وبئس ما صنعت وأصل الذم واللوم واحد إِلا أن الذم كثر في نفس العمل دون اللوم ، لانه لا يقال : لمت عمله كما يقال ذممت عمله . و ( ما ) في قوله { لبئس ما } يحتمل أمرين : أحدهما - ان تكون كافة كما تكون في انما زيد منطلق وليتما عمرو قائم ، فلا يكون لها على هذا موضع . الثاني ان تكون نكرة موصوفة كأنه قيل : لبئس شيئاً كانوا يعملون .