Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 78-78)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قيل في معنى { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل } الآية ثلاثة أقوال : أحدها - إِيآسهم من مغفرة الله مع الاقامة على الكفر والمعصية لله - عز وجل - لدعاء الأنبياء ( عليهم السلام ) عليهم بالعقوبة ودعوتهم مستجابة مع ما في ذلك من الفضيحة ، وانطواء أولياء الله لهم على العداوة ، والمظاهرة عليهم في إِقامة الحجة . الثاني - قال الحسن ومجاهد وقتادة وأبو مالك لعنوا على لسان داود ، فصاروا قردة وعلى لسان عيسى ، فصاروا خنازير . وانما ذكر عيسى وداود ، لأنهما انبه الأنبياء المبعوثين بعد موسى ( ع ) ولما ذكر داود أغنى عن ذكر سليمان ، لأن قولهما واحد . وقال أبو جعفر ( ع ) أما داود فلعن أهل ايلة لما اعتدوا في سبتهم وكان اعتداؤهم في زمانه ، فقال : اللهم البسهم اللعنة مثل الرداء ومثل المنطقة على الحقوين ، فمسخهم الله قردة . وأما عيسى فلعن الذين أنزلت عليهم المائدة ثم كفروا بعد ذلك . الثالث - قال أبو علي الجبائي : إِنه إِنما أظهر ذلك لئلا يوهموا الناس أن لهم منزلة بولادة الأنبياء تنجيهم من عقوبة المعاصي . واللعن هو الابعاد من رحمة الله ، فلعنه الله يعني أبعده الله من رحمته الى عقوبته ، ولا يجوز لعن من لا يستحق العقوبة من الاطفال والمجانين والبهائم ، لانه تعالى لا يبعد من رحمته من لا يستحق الابعاد عنها . وقوله : { ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون } إِشارة الى اللعن الذي تقدم ذكره بمعصيتهم واعتدائهم . فـ ( ذا ) لما قرب و { ذلك } لما بعد ، لأنه اجتزئ في دلالة الخطاب لما قرب بالاقبال عليه . وفي القريب بالاشارة اليه فلما بعد لم يصلح الاجتزاء فيهما كما يصلح فيما قرب ، فاتى بالكاف للخطاب واكد ذلك باللام وكسرت لالتقاء الساكنين والكاف في ذلك حرف وفي غلامك إِسم ، ولهذا لم يؤكد بما يؤكد في غلامك لأنك لا تقول ذلك نفسك . كما تقول في غلامك نفسك . وإِنما قال : { بماعصوا وكانوا يعتدون } وإِن كان الكفر أعظم الاجرام ليدل على أن من خلصت معصيته مما يكفرها أو بقته ، وأنهم مع كفرهم قد عصوا بغير الكفر من الجرم الذي فسر في الآية التي بعد .