Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 21-25)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى إن يوم الوعيد الذي بينه تجيء كل نفس من المكلفين { معها سائق } يسوقها { وشهيد } يشهد عليها ، وهما ملكان احدهما يسوقه ويحثه على السير ، والآخر يشهد عليه بما يعلمه من حاله ويشاهده منه وكتبه عليه ، فهو يشهد بذلك على ما بينه الله ودبره . وقوله { لقد كنت في غفلة } أي يقال له { لقد كنت في غفلة } أي في سهو ونسيان { من هذا } اليوم ، فالغفلة ذهاب المعنى عن النفس ، وضده اليقظة . وقوله { فكشفنا عنك غطاءك } أي أزلنا الغطاء عنك حتى ظهر لك الأمر ، وإنما تظهر الأمور فى الآخرة بما يخلق الله فيهم من العلوم الضرورية ، فيصير بمنزلة كشف الغطاء عما يرى ، والمراد به جميع المكلفين : برّهم وفاجرهم ، لان معارب الجميع ضرورية ، وقوله { فبصرك اليوم حديد } معناه إن عينك حادة النظر لا يدخل عليها شك ولا شبهة . وقيل : المعنى فعلمك بما كنت فيه من أحوال الدنيا نافذ ليس يراد به بصر العين ، كما يقال : فلان بصير بالنحو أو بالفقه . وقال الرماني : حديد مشتق من الحد ، ومعناه منيع من الادخال فى الشيء ما ليس منه والاخراج عنه ما هو منه ، وذلك فى صفة رؤيته للاشياء فى الآخرة . وقوله { وقال قرينه } قال الحسن وقتادة وابن زيد : يعني الملك الشهيد عليه . وقال بعضهم : قرينه من الشياطين . والأول الوجه { هذا ما لدي عتيد } أي معد محفوظ { ألقيا في جهنم كل كفار عنيد } إنما قيل : ألقيا ، لأن المأمور به إلقاء كل كافر في النار إثنان من الملائكة . وقيل : يجوز ان يكون على لفظ الاثنين والمأمور واحد ، لأنه بمنزلة إلقاء اثنين فى شدته ، كما قال الشاعر : @ فان تزجراني يا بن عفان انزجر وإن تدعاني احم عرضاً ممنعا @@ والأول اظهر ، وحكى الزجاج عن بعض النحويين : ان العرب تأمر الواحد بلفظ الاثنين تقول : قوما ، واقعدا ، قال الحجاج : ( يا حرسي إضربا عنقه ) وإنما قالوا ذلك ، لأن اكثر ما يتكلم به العرب فيمن تأمر به بلفظ الاثنين نحو @ خليلي مرا بي على أم جندب @@ وقوله : @ قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل @@ وقال المبرد هذا فعل مبني للتأكيد ، كأنه قال : ألق ألق ، والعنيد الذاهب عن الحق وسبيل الرشد { مناع للخير } الذي أمر الله به من بذل المال في وجوهه من الزكاة وغيرها ، لأنه صفة ذم تعم منع الخير الذي يجب بذله . ويدخل فيه الأول على وجهه التبع { معتد } أي متجاوز للحق فى قوله وفعله { مريب } أي آت من المنكر بما يشكك فى أمره .