Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 26-30)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ نافع والكسائي { ندعوه أنه } بفتح الهمزة على تقدير بأنه او لأنه . الباقون بكسر الهمزة على الاستئناف . لما حكى الله تعالى ان اهل الجنة يقبل بعضهم على بعض ويسأل بعضهم بعضاً عن احوالهم ذكر ما يقولونه فانهم يقولون { إنا كنا } فى دار الدنيا { في أهلنا مشفقين } أي خائفين رقيقي القلب ، فالاشفاق رقة القلب عما يكون من الخوف على الشيء ، والشفقة نقيض الغلظة . واصله الضعف من قولهم : ثوب شفق أي ضعيف النسج رديئه ، ومنه الشفق ، وهو الحمرة التي تكون عند غروب الشمس إلى العشاء الآخرة ، لانها حمرة ضعيفة . والأهل هو المختص بغيره من جهة ما هو اولى به ، وكلما كان أولى به فهو احق بأنه أهله ، فمن ذلك اهل الجنة وأهل النار . ومن ذلك اهل الجود والكرم ، وفلان من اهل القرآن ، ومن أهل العلم ، ومن أهل الكوفة . ومن هذا قيل : لزوجة الرجل : أهله ، لانها مختصة به من جهة هي أولى به من غيره . فقوله { في أهلنا مشفقين } اي من يختص به ممن هو أولى بنا . وقوله { فمن الله علينا } فالمن القطع عن المكاره إلى المحاب ، يقال : من على الاسير يمن مناً إذا اطلقه واحسن اليه ، وامتن عليه بصنيعه أي اقتطعه عن شكره بتذكير نعمته والمنية قاطعة عن تصرف الحي { أجر غير ممنون } أي غير مقطوع . وقوله { ووقانا عذاب السموم } الوقا : منع الشيء من المخوف بما يحول بينه وبينه ، ومنه الوقاية ، ووقاه يقيه وقاء فهو واق ، ووقاه توقية قال الراجز : @ إذا الموقي مثل ما وقيت عذاب السموم @@ فالسموم الحر الذي يدخل فى مسام البدن بما يوجد ألمه ، ومنه ريح السموم ، ومسام البدن الخروق الدقاق . ثم قالوا { إنا كنا من قبل ندعوه } يعني فى دار التكليف ندعوه { أنه هو البر الرحيم } أي ندعوه بهذا ، فيمن فتح الهمزة ، ومن كسرها أراد إنا كنا ندعوه ونتضرع اليه ، ثم ابتدأ فقال { إنه هو البر الرحيم } قال ابن عباس : البر هو اللطيف وأصل الباب اللطف مع عظم الشأن ، ومنه البر للطفها مع عظم النفع بها ، ومنه البر لأنه لطف النفع به مع عظم الشأن ، ومنه البرية للطف مسالكها مع عظم شأنها ، والبر بالكسر الفاره ، والبر بر الوالدين ، وقولهم : فلان لا يعرف هره من برّه قيل فى معناه ثلاثة اشياء : احدها - لا يعرف السنور من الفاره . الثاني - لا يعرف من يبره ممن يكرهه . الثالث - لا يعرف دعاء الغنم وهو برها من سوقها . ثم قال تعالى للنبي صلى الله عليه وآله { فذكر } يا محمد أي اعظ هؤلاء المكلفين { فما أنت بنعمة ربك } قسم من الله تعالى بنعمته { بكاهن ولا مجنون } على ما يرمونك به . وقال البلخي : معناه ما أنت بنعمة الله عليك بكاهن ، ولا يلزم ان يكون الله تعالى لم ينعم على الكاهن ، لأن الله تعالى قد عم على جميع خلقه بالنعم وإن كان ما انعم به على النبي اكثر ، وقد مكن الله الكاهن وسائر الكفار من الايمان به ، وذلك نعمة عليه . فالكاهن الذي يذكر انه يخبر عن الجن على طريق العزائم ، والكهانة صنعة الكاهن ، والكاهن الموهم انه يعلم الغيب بطريق خدمة الجن والمجنون المؤف بما يغطي على عقله حتى لا يدرك به فى حال يقظة ، وقد علموا أنه ليس بشاعر ، كما علموا أنه ليس بمجنون ، لكن قالوا ذلك على جهة التكذيب عليه ليستريحوا إلى ذلك كما يستريح السفهاء إلى التكذب على أعدائهم . ثم قال { أم } ومعناه بل { يقولون شاعر نتربص به ريب المنون } قال مجاهد : ريب المنون حوادث الدهر . وقال ابن عباس وقتادة : الموت ، والمنون المنية ، وريبها الحوادث التي تريب عند مجيئها وقال الشاعر :