Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 41-49)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ عاصم وابن عامر { يصعقون } بضم الياء - على ما لم يسم فاعله - الباقون بفتح الياء على اضافة الفعل اليهم ، وهما لغتان . يقال : صعق فلان فهو مصعوق وصعق فهو صاعق . وروي عن عاصم أيضاً { يصعقون } بضم الياء وكسر العين بمعنى يحصلون فى الصاعقة . وقيل : الصعق الهلاك بصيحة تصدع القلب . وقيل : الصعق عند النفخة الاولى . قال قوم : إن قوله { أم عندهم الغيب فهم يكتبون } جواب لقولهم ان كان امر الآخرة على ما تدعون حقاً فلنا الجنة كقولهم { ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى } ذكره الحسن . والغيب الذي لا يعلمه إلا الله هو ما لم يعلمه العاقل ضرورة ولا عليه دلالة . والله تعالى عالم به ، لانه يعلمه لنفسه ، والعالم لنفسه لا يخفى عليه شيء من وجه من الوجوه . وقوله { أم يريدون كيداً فالذين كفروا هم المكيدون } فالكيد هو المكر . وقيل : هو فعل ما يوجب الغيظ فى خفى يقال : كاده يكيده كيداً ، فهو كائد ، والمفعول مكيد وكايده مكايدة مثل غايظة مغايظة . والكيد من الله هو التدبير الذي يدبره لأوليائه على اعدائه ليقهروهم ويستعلوا عليهم بالقتل والاسر . وقال الزجاج : معناه أيريدون بكفرهم وطغيانهم كيداً ، فالله تعالى يكيدهم بالعذاب فى الدنيا والآخرة . وقوله { أم لهم إله غير الله } أي على حقيقية معنى الالهية وهو القادر على ما تحق به العبادة فلذلك عبدوه ؟ ! فانهم لا يقدرون على دعوى ذلك . ثم نزه نفسه فقال { سبحان الله عما يشركون } من ادعاء آلهة معه من الاصنام والاوثان . وقوله { وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً } فالكسف جمع كسفة كقولك : سدر وسدرة ، وهو جواب قولهم { أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً } فقال الله تعالى لو سقط عليهم ما آمنوا ولقالوا { سحاب مركوم } والكسف القطعة من الغيم بقدر ما يكسف ضوء الشمس . والكسف من السماء القطعة منها . والسحاب الغيم سمي بذلك لانسحابه فى السماء ، والمركوم الموضوع بعضه على بعض . وكل الأمور المذكورة بعد ( أم ) إلزامات لعبدة الاوثان على مخالفة القرآن ، ثم قال تعالى للنبي صلى الله عليه وآله { فذرهم } أي اتركهم { حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون } أي يهلكون فيه بوقوع الصاعقة عليهم . وقيل : الصعقة هي النفخة الاولى التي يهلك عندها جميع الخلائق ، ثم وصف ذلك اليوم بأن قال { يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئاً } أي لا ينفعهم كيدهم وحيلتهم ولا تدفع عنهم شيئاً ، لان جميعه يبطل { وهم لا ينصرون } بالدفاع عنهم . والفرق بين الغنى بالشيء والغنى عنه أن الغنى عنه يوجب أن وجوده وعدمه سواء فى أن الموصوف غني ، وليس كذلك الغنى به ، لانه يبطل ان يكون الموصوف غنياً . والغني هو الحي الذي ليس بمحتاج ، وليس بهذه الصفة إلا الله تعالى . ومعنى { لا يغني عنهم } أي لا يصرف عنهم شيئاً من الضرر الذي يقع إلى نفع يصير بمنزلة الغنى لهم . وقوله { وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك } قال ابن عباس : هو عذاب القبر ، وبه قال البراء وقال مجاهد : هو الجوع فى الدنيا . وقال ابن زيد : هو مصائب الدنيا . وقال قوم : هو عموم جميع ذلك . ثم قال { ولكن أكثرهم لا يعلمون } ومعناه إن اكثر هؤلاء الكفار لا يعلمون صحة ما أمرناهم وأمرناك به لجحدهم نبوتك . ثم قال تعالى للنبي صلى الله عليه وآله { واصبر } يا محمد { لحكم ربك } الذي حكم به وألزمك التسليم له { فإنك بأعيننا } أي بمرئى منا ندركك ، ولا يخفى علينا شيء من أمرك ، نحفظك لئلا يصلوا إلى شيء من مكروهك . وأمره بالتنزيه له عما لا يليق به فقال { وسبح بحمد ربك حين تقوم } قال ابو الاحوص : معناه حين تقوم من نومك . وقال الضحاك : معناه إذا قمت إلى الصلاة المفروضة ، فقل سبحانك اللهم وبحمدك . وقال ابن زيد : معناه صل بحمد ربك حين تقوم من نوم القائلة إلى صلاة الظهر . ثم قال { ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم } معناه من الليل يعني من المغرب والعشاء الآخرة { وإدبار النجوم } قال الضحاك وابن زيد : هو صلاة الفجر قال ابن عباس وقتادة . هما الركعتان قبل صلاة الفجر ، وقال الحسن : هما الركعتان قبل صلاة الفجر تطوعاً ، والنجوم هي الكواكب واحدها نجم ، ويقال : نجم النبت ونجم القرن والسن إلا انه إذا اطلق أفاد الكواكب . وقرأ { وإدبار النجوم } بفتح الهمزة زيد عن يعقوب على انه جمع . الباقون - بكسرها - على المصدر .