Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 1-5)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابو جعفر { وكل أمر مستقر } بالجر صفة لـ { أمر } . الباقون بالرفع على انه خبر { كل } . هذا اخبار من الله تعالى بدنو الساعة وقرب أوانها ، فقوله { اقتربت } أي دنت وقربت وفي { اقتربت } مبالغة ، كما أن فى ( اقتدر ) مبالغة على القدرة ، لأن اصل ( افتعل ) طلب اعداد المعنى بالمبالغة نحو ( اشتوى ) إذا أتخذ شوى فى المبالغة فى اتخاذه ، وكذلك ( اتخذ ) من ( اخذ ) . والساعة القيامة . وقال الطبري : تقديره اقتربت الساعة التي يكون فيها القيامة . وجعل الله تعالى من علامات دنوها انشقاق القمر المذكور معها ، وفى الآية تقديم وتأخير ، وتقديره انشق القمر واقتربت الساعة . ومن أنكر إنشقاق القمر وأنه كان ، وحمل الآية على كونه في ما بعد - كالحسن البصري وغيره ، واختارة البلخي - فقد ترك ظاهر القرآن ، لأن قوله " انشق " يفيد الماضي ، وحمله على الاستقبال مجاز . وقد روى إنشقاق القمر عبد الله بن مسعود وانس ابن مالك وابن عمر وحذيفة وابن عباس وجبير بن مطعم ومجاهد وإبراهيم ، وقد أجمع المسلمون عليه ولا يعتد بخلاف من خالف فيه لشذوذه ، لان القول به أشتهر بين الصحابه فلم ينكره أحد ، فدل على صحته ، وأنهم اجمعوا عليه فخلاف من خالف فى ما بعد لا يلتفف اليه . ومن طعن فى إنشقاق القمر بأنه لو كان لم يخف على أهل الافطار فقد أبعد لانه يجوز ان يحجبه الله عنهم بغيم ، ولأنه كان ليلاً فيجوز ان يكون الناس كانوا نياماً فلم يعلموا به ، لأنه لم يستمر لزمان طويل بل رجع فالتأم فى الحال ، فالمعجزة تمت بذلك . وقوله { وإن يروا آية } احتمل ان يكون اخباراً من الله تعالى عن عناد كفار قريش بأنهم متى رأوا معجزة باهرة وحجة واضحة أعرضوا عن تأملها والانقياد لصحتها عناداً وحسداً ، وقالوا هو { سحر مستمر } أي يشبه بعضه بعضاً . وقيل { سحر مستمر } من الأرض إلى السماء . وقال مجاهد وقتادة معناه ذاهب مضمحل وقال قوم : معناه شديد من أمرار الحبل ، وهو شده فتله . وقوله { وكذبوا } يعني بالآية التي شاهدوها ولم يعترفوا بصحتها ولا تصديق من ظهرت على يده { واتبعوا } فى ذلك { أهواءهم } يعني ما تميل طبائعهم اليه ، فالهوى رقة القلب بميل الطباع كرقة هواء الجو ، تقول : هوى هوي هواً ، فهو هاو إذا مال طبعه إلى الشيء ، وهو هوى النفس مقصور ، فأما هواء الجو فممدود ويجمع على أهوية . وهوى يهوي إذا انحدر في الهواء ، والمصدر الهوى . والاسم الهاوي . وقوله { وكل أمر مستقر } معناه كل أمر من خير او شر مستقر ثابت حتى يجازى به إما الجنة او النار - ذكره قتادة - ثم قال { ولقد جاءهم } يعني هؤلاء الكفار { من الأنباء } يعني الاخبار العظيمة بكفر من تقدم من الامم وإهلاكنا إياهم التي يتعظ بها { ما فيه مزدجر } يعني متعظ ، وهو مفتعل من الزجر إلا ان التاء ابدلت دالا لتوافق الراء بالجهر مع الدال لتعديل الحروف فيتلاءم ولا يتنافر . وقوله { حكمة بالغة } معناه نهاية فى الصواب ، وغاية في الزجر بهؤلاء الكفار وقوله { فما تغنى النذر } يجوز فى ( ما ) وجهان : احدهما - الجحد ، ويكون التقدير : لا يغني التخويف . والثاني - ان تكون بمعنى ( أي ) وتقديره أى شيء يغني الانذار . والنذر جمع نذير . وقال الجبائي : معناه إن الانبياء الذين بعثوا اليهم لا يغنون عنهم شيئاً من عذاب الآخرة الذى استحقوه بكفرهم ، لانهم خالفوهم ولم يقبلوا منهم .