Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 6-10)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ { خشعاً } على الجمع أهل العراق إلا عاصما ، الباقون { خاشعا } على وزن ( فاعل ) ونصبوه على الحال . ومن قرأ { خاشعاً } بلفظ الواحد ، فلتقدم الفعل على الفاعل . وقرأ ابن كثير وحده ( نكر ) بسكون الكاف . الباقون بالتثقيل وهما لغتان . وقال ابو علي النحوي : النكر أحد الحروف التي جاءت على ( فعل ، وفعل ) وهو صفة . وعلى ذلك حمله سيبويه وأستشهد بالآية . ومثله ناقة أحد ومشية سجح . ومن خفف جعله مثل رسل رسل وكتب وكتب ، والضمة فى تقدير الثبات . لما حكى الله تعالى عن الكفار أنه ليس ينفع فى وعظهم وزجرهم الحكمة البالغة ، ولا يغني النذر أمر النبي بالاعراض عنهم وترك مقابلتهم على سفههم . فقال { فتولى عنهم } أي اعرض عنهم { يوم يدع الداعي إلى شيء نكر } قيل فى معناه أقوال : احدها - قال الحسن فتولى عنهم إلى يوم يدعو الداعي . والثاني - فتول عنهم وأذكر يوم يدع الداعي إلى شيء نكر ، يعني لم يروا مثله قط فينكرونه استعظاماً له . الثالث - ان المعنى فتول عنهم ، فانهم يرون ما ينزل بهم من العذاب يوم يدعو الداعي وهو يوم القيامة ، فحذف الفاء من جواب الامر . والداعي هو الذي يطلب من غيره فعلا . ونقيضه الصارف ، وهو الطالب من غيره أن لا يفعل بمنزلة الناطق بأن لا يفعل ، تقول : دعا يدعو دعاء فهو داع وذاك مدعو . والنكر : هو الذي تأباه من جهة نفور الطبع ، وهو صفة على وزن فعل ، ونظيره رجل جنب وارض جرز ، وهو من الانكار نقيض الاقرار ، لان النفس لا تقر بقبوله ، وإنما وصف بأنه نكر لغلظه على النفس ، وإنهم لم يروا مثله شدة وهؤلاء كأنهم ينكرونه لما قبح في عقولهم . وقوله { خاشعا أبصارهم } فمعنى الخاشع الخاضع ، خشع يخشع خشوعاً ، فهو خاشع ، والجمع خشع ، ويخشع الرجل إذا نسك ، وخاشعاً حال مقدمة . والعامل فيها { يخرجون } وقيل { خاشعاً أبصارهم } لتقدم الصفة على الاسم ، كما قال الشاعر : @ وشباب حسن أوجههم من اياد بن نزار بن معد @@ وقال آخر : @ ترى الفجاج بها الركبان معترضا أعناق أبزلها مرخى لها الجدل @@ والجديل هو الزمام ، ولم يقل مرخيات ولا معترضات { يخرجون من الأجداث } يعني من القبور واجدها جدث وحدف أيضاً لغة ، واللحد جانب القبر وأصله الميل عن الاستواء { كأنهم جراد منتشر } أي من جراد منتشر من كثرتهم وقوله { مهطعين إلى الداعي } قال الفراء وابو عبيدة : مسرعين . وقال قتادة : معناه عامدين بالاهطاع والاهطاع الاسراع فى المشي ، يقال : اهطع يهطع إهطاعاً ، فهو مهطع ، فهؤلاء الكفار يهطعون إلى الداعي بالالجاء والاكراه والاذلال ووصفت الابصار بالخشوع ، لان ذلة الذليل وعزة العزيز تتبين فى نظره { يقول الكافرون هذا يوم عسر } حكاية ما يقوله الكفار يوم القيامة بأنه يوم عسر شديد عليهم ثم قال مثل ما كذبك يا محمد هؤلاء الكفار وجحدوا نبوتك { كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا } يعني نوحاً عليه السلام { وقالوا مجنون } أي هو مجنون قد غطي على عقله فزال بآفة تعتريه { وازدجر } قال ابن زيد : معناه زجر بالشتم والرمي بالقبيح . وقال غيره : ازدجر بالوعيد ، لانهم توعدوه بالقتل في قوله { لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين } { فدعا } عند ذلك { ربه } فقال يا رب { أني مغلوب } قد غلبني هؤلاء الكفار بالقهر لا بالحجة { فانتصر } منهم بالاهلاك والدمار نصرة لدينك ونبيك . وقال مجاهد : معنى ( ازدجر ) استطار واستفز جنوناً .