Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 47-55)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا إخبار من الله تعالى بأن المجرمين الذين أرتكبوا معاصي الله وتركوا طاعاته فى ضلال وسعر ، ومعناه فى ضلال عن الحق وعدول عنه { وفي سعر } يعني في عذاب النار تسعرهم ومعناه إنهم يصيرون اليه ، وإنما جمع بين الضلال والسعر ، لانه لازم لهم ومنعقد بحالهم وإن كان الضلال بعصيانهم والسعر بالعقاب على الضلال ، وكأنهم قد حصلوا فيه بحصولهم في سببه الذي يستحق به . وقيل معنى في ضلال يعني في ذهاب عن طريق الجنة والآخرة في نار مسعرة . وقوله { يوم يسحبون } أي يوم يجرون فى النار على وجوههم { ذوقوا مسّ سقر } أي يقال لهم مع ذلك ذوقوا مس سقر ، وهو كقولهم وجدت مس الحمى وكيف ذقت طعم للضرب . وقيل : إن سقر جهنم وقيل : هو باب من ابوابها ، ولم يصرف للتعريف والتأنيث . ولما وصف العقاب قال { إنا كل شيء خلقناه بقدر } أي العقاب على مقدار الاستحقاق الذي تقتضيه الحكمة وكذلك غيره فى كل خصلة . وفي نصب ( كل ) ثلاثة أوجه : أحدها - على تقدير إنا خلقنا كل شيء خلقناه بقدر . الثاني - انه جاء على زيداً ضربته . الثالث - على البدل الذي يشتمل عليه ، كأنه قال { إن كل شيء خلقناه بقدر } أي هو مقدر فى اللوح المحفوظ . وقوله { وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر } فاللمح خطف البصر ، والمعنى وما أمرنا إذا أردنا ان يكون شيئاً إلا مرة واحدة إنما نقول له كن فيكون أي هذه منزلته فى سرعته وإنطياعه . ثم قال تعالى مخاطباً لكفار قريش وغيرهم { ولقد أهلكنا أشياعكم } يعني اتباع مذهبكم فى كفرهم بعبادة الأوثان تتابعوا قرناً بعد قرن في الاهلاك بعذاب الاستئصال . والشيعة أتباع القائد إلى أمر . وقيل : المعنى ولقد أهلكنا اشياعكم ممن هو منكم كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله فهي لكل أمة فهل من متعظ . وقال الحسن : هو على الامم السالفة { فهل من مدكر } معناه فهل من متذكر لما يوجبه هذا الوعظ من الانزجار عن مثل ما سلف من أعمال الكفار لئلا يقع به ما وقع بهم من الاهلاك . وقوله { وكل شيء فعلوه في الزبر } يعني في الكتب التي كتبتها الحفظة . وقال ابن زيد في الكتاب . وقال الضحاك في الكتب وقوله { وكل صغير ، وكبير مستطر } قال ابن عباس معناه إن جميع ذلك مكتوب مسطور في الكتاب المحفوظ ، لانه من أعظم العبرة في علم ما يكون قبل أن يكون على التفصيل ، وبه قال مجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد . ثم قال تعالى { إن المتقين } يعني الذين اتقوا معاصيه وفعلوا واجباته { في جنات } يعني بساتين تجنها الأشجار { ونهر } أي انهار ، فوضع نهراً في موضع أنهار ، لأنه اسم جنس يقع على القليل والكثير ، والنهر المجرى الواسع من مجاري الماء ، وهو خلاف الجدول ، لانه المجرى الصغير الشديد الجرى من مجاري الماء { في مقعد صدق } معناه في مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم { عند مليك مقتدر } أي بالمكان الذي كرمه لأوليائه المليك المقتدر . وقيل : فى مقعد صدق عند المليك المقتدر بما هو عليه من صدق دوام النعيم به . وقال الفراء : معنى { في جنات ونهر } أي فى ضياء وسعة ، ويقال : أنهر دمه إذا سال وانهر بطنه إذا جاء بطنه مثل جرى النهر .