Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 66-78)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ اهل الشام { ذو الجلال } على الرفع ، على أنه نعت لـ { اسم } . الباقون - بالخفض - على أنه نعت لـ { ربك } . وقوله { فيهما } يعني الجنتين اللتين وصفهما بأنهما { مدهامتان } { عينان نضاختان } فعين الماء المكان الذي ينبع منه الماء ، ومعنى { نضاختان } فوارتان بالماء . وقيل : نضاختان بكل خير . والنضخ - بالخاء - أكثر من النضح - بالحاء - لأن النضح غير المعجمة الرش وبالخاء كالبرك والفوارة التي ترمى بالماء صعداء ، نضخ ينضخ نضخاً فهو ناضخ . وفى نضاخة مبالغة ، ووجه الحكمة فى العين النضاخة أن النفس إذا رأت الماء يفور كان أمتع ، وذلك على ما جرت به العادة { فبأي آلاء ربكما تكذبان } . وقوله { فيهما فاكهة ونخل ورمان } أخبار منه تعالى أن فى الجنتين المتقدم وصفهما { فاكهة } وهي الثمار { ونخل ورمان } وإنما افرد ذكر النخل والرمان من الفاكهة ، وإن كان من جملتها تنبيهاً على فضلهما وجلالة النعمة بهما ، كما أفرد ذكر جبرائيل وميكائيل فى قوله { من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين } وقال قوم : ليسا من الفاكهة بدلا الآية . وليس له في ذلك حجة ، لاحتمال ما قلناه . قال يونس النحوي : النخل والرمان من أفضل الفاكهة ، وإنما فضلا لفضلهما ، والنخل شجر الرطب والتمر . والرمان مشتق من رم يرم رماً ، لان من شأنه أن يرم الفؤاد بجلائه له { فبأي آلاء ربكما تكذبان } قد مضى بيانه . وقوله { فيهن خيرات حسان } قال ابو عبيدة : إمرأة خيرة ورجل خير ، والجمع خيرات . والرجال أخيار قال الشاعر : @ ولقد طعنت مجامع الربلات ربلات هند خيرة الملكات @@ وقال الزجاج : أصل ( خيرات ) خيرّات ، وخفف . وفى الخبر المرفوع إن المعنى ( خيرات الأخلاق حسان الوجوه ) وإنما قيل للمرأة فى الجنة : خيرة ، لانها مما ينبغي أن تختار لفضلها فى أخلاقها وأفعالها ، وهي مع ذلك حسنة الصورة ، فقد جمعت الأحوال التي تجل بها النعمة { فبأي آلاء ربكما تكذبان } قد بينا معناه . وقوله { حور مقصورات في الخيام } فالحور البيض الحسان البياض ، ومنه الدقيق الحواري لشدة بياضه ، والعين الحورا اذا كانت شديدة بياض البياض ، وشديدة سواد ، السواد ، وبذلك يتم حسن العين . وقال ابن عباس والحسن ومجاهد : الحور : البيض . وقوله { مقصورات } أي قصرن على أزواجهن ، فلا يردن بدلا منهم - فى قول مجاهد والربيع - وقيل : معناه محبوسات فى الحجال - في قول ابن عباس وأبي العالية ومحمد بن كعب والضحاك والحسن ، وعلى وجه الصيانة لهن والتكرمة لهن عن البذلة . وقال ابو عبيدة : مقصورات أي مخدرات و ( الخيام ) جمع خيمة وهو بيت من الثياب على الأعمدة ، والاوتاد مما يتخذ للاصحار ، فاذا اصحر هؤلاء الحور ، كانت لهن الخيام في تلك الحال وغيرها مما ينفى الابتذال . وقال الزجاج : يقال للهوارج الخيام وقال عبد الله : الخيام دّر مجوف على هيئة البيت وقال ابن عباس : بيوت اللؤلؤ . وقيل : الخيمة درة مجوفة فرسخ في فرسخ لها أربعة آلاف مصراع من ذهب { فبأى آلاء ربكما تكذبان } قد مضى بيانه . وقوله { لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان فبأي آلاء ربكما تكذبان } قد مضى تفسيره . قال البلخي في الآية دلالة على قول الحسن البصري : أن الحور العين هو أزواجهم في الدنيا إذا كن مؤمنات مطيعات لان الله قال { لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان } وقال : من نصر الحسن أن المراد لم يطمثهن بعد النشأة الثانية إنس قبلهم ولا جان . وإنما كرر قوله { لم يطمثهن } في الآية للبيان على أن صفة الحور المقصورات في الخيام كصفة القاصرات الطرف مع تمكين التشويق بهذه الحال الجليلة التي رغب فيها كل نفس سليمة . وقوله { متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان } { متكئين } نصب على الحال ، وقد فسرنا معناه . والرفارف جمع رفرف ، وهي المجالس - في قول ابن عباس وقتادة والضحاك - وقيل : الرفرف هي فصول المجالس للفرش . وقال الحسن : هي المرافق ، وقيل : الرفارف الوسائد . وقيل : الرفرفة الروضة . وأصله من رف النبت يرف إذا صاد غضاً نضراً . وقيل : لما في الأطراف رفرف ، لانه كالنبت الغض الذي يرف من غضاضته . والخضر جمع أخضر ( والعبقري ) الزرابي - في قول ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة - وهي الطنافس . وقال مجاهد : هو الديباج : وقال الحسن : هو البسط . وقيل ( عبقر ) اسم بلد ينسج به ضروب من الوشي الحسن ، قال زهير : @ بخيل عليها جبة عبقرية جديرون يوماً ان يبالوا ويستعلوا @@ وقيل : الموشى من الديباج عبقري تشبيهاً بذلك ، ومن قرأ { عباقري } فقط غلط لانه لا يكون بعد الف الجمع أربعة احرف ولا ثلاثة إلا أن يكون الثاني حرف لين نحو ( قناديل ) . وقوله { تبارك اسم ربك } معناه تعاظم وتعالى إسم ربك ، لانه يستحق أن يوصف بما لا يوصف به أحد من كونه قديماً وإلهاً ، وقادراً لنفسه وعالماً حياً لنفسه وغير ذلك . وقوله { ذي الجلال والإكرام } خفض ، لانه بدل من قوله { ربك } ومعنى الجلال العظمة والاكرام الاعظام بالاحسان والانعام . وقال الحسن : الاكرام الذي يكرم به أهل دينه وولايته . ومن قرأ { ذو الجلال } بالرفع أراد ان اسم الله فيه البركة ، وإذا قرىء بالخفض دل على أن اسم الله غير الله ، لأنه لو كان اسمه هو الله لجرى مجرى ذكر وجهه إلا ترى أنه لما قال { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } ورفعه ، لأنه أراد الله تعالى وها هنا بخلافه .