Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 56-65)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ الكسائي { لم يطمثهن } بكسر إحداهما وضم الأخرى الباقون بكسرهما وهما لغتان ، يقال : طمثت المرأة تطمث وتطمثت إذا حاضت . قال الزجاج وغيره : في الآية دلالة على أن الجن تنكح . وقال الفراء : لم ينكحهن إنس ولا جان نكاح تدمية أي لم يقتضهن ، والطمث الدم . والضهير فى قوله { فيهن قاصرات الطرف } عائد على الفرش التي بطائنها من استبرق ، لأنه قد تقدم ذكره ، وكان أولى بالعود عليه ، ولو لم يتقدم هذا الذكر لجاز أن يرجع إلى الجنان وإلى الجنتين المذكورتين وغيرهما من الجنان لانه معلوم ، لكن المذكور أولى ، لأن اقتضاءه له أشد ، والقاصر المانع من ذهاب الشيء إلى جهة من الجهات ، فالحور قاصرات الطرف عن غير أزواجهن إلى أزواجهن . والطرف جفن العين ، لأنه طرف لها ، فيطبق عليها تارة وينفتح تارة ، ومنه الاطراف بالأمر لانه كالطرف الذي يليك بحدوثه لك . وقوله { لم يطمثهن } قيل فى معناه قولان : أحدهما - قال مجاهد وابن زيد وعكرمة : لم يمسسهن بجماع من قولهم : ما طمث هذا البعير جمل قط أي ما مسه جمل . الثاني - قال ابن عباس : لم يدمهن بنكاح من قولهم : امرأة طامث أي حائض كأنه قال هن أبكار لم يقتضهن أحد قبلهم . والأصل المس ، كأنه ما مسها دم الحيض . وقيل : إنما نفى الجان ، لأن للمؤمنين منهم لهم أزواجاً من الحور ، وهو قول ضمرة بن حبيب ، قال البلخي : المعنى إن ما يهب الله لمؤمني الجن من الحور العين لم يطمثهن جان ، وما يهب الله لمؤمني الانس لم يطمثهن إنس قبلهم ، على أن هذا مبالغة . وقال ضمرة بن حبيب فى : الآية دلالة على أن للجن ثواباً فالانسيات للانس والجنيات للجن { فبأي آلاء ربكما تكذبان } قد مضى تفسيره . وقوله { كأنهن الياقوت والمرجان } قال الحسن : هن على صفاء الياقوت فى بياض المرجان . وقيل : كالياقوت فى الحسن والصفاء والنور . وقال الحسن : المرجان أشد اللؤلؤ بياضياً وهو صغاره { فبأي آلاء ربكما تكذبان } قد بيناه . وقوله { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان } معناه ليس جزاء من فعل الاعمال الحسنة وأنعم على غيره إلا أن ينعم عليه بالثواب ويحسن اليه { فبأي آلاء ربكما تكذبان } قد مضى بيانه . وقوله { ومن دونهما جنتان } معناه إن من دون الجنتين اللتين ذكرنا { لمن خاف مقام ربه } جنتين أخرتين دون الأولتين ، وإنهما أقرب إلى قصره ومجالسه فى قصره ليتضاعف له السرور بالتنقل من جنة إلى جنة على ما هو معروف فى طبع البشرية من شهوة مثل ذلك . ومعنى ( دون ) مكان قريب من الشيء بالاضافة إلى غيره ، مما ليس له مثل قربه ، وهو ظرف مكان ، وإنما كان التنقل من جهة إلى جهة أنفع ، لأنه أبعد من الملل على ما طبع عليه البشر ، لأن من الاشياء ما لا يمل لغلبة محبته على النفس بالأمر اللازم ، ومنها ما يمل لتطلع النفس إلى غيره ، ثم الرجوع اليه . وقوله { مدهامتان } معناه خضراوتان تضرب خضرتهما إلى السواد من الري على أتم ما يكون من الحسن ، لأن الله شوق اليهما ووعد المطيعين فى خوف مقامه بها ، فناهيك بحسن صفتهما وما يقتضيه ذكرهما فى موضعهما . وقال ابن عباس وابن الزبير وعطية وأبو صالح وقتادة : هما خضراوان من الري . وقال قوم : الجنان الأربع { لمن خاف مقام ربه } ذهب اليه ابن عباس : وقال الحسن : إلا وليان للسابقين والأخيرتان للتابعين .