Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 17-26)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عشر آيات كوفى ومدني الأخير ، وتسع فيما عداه ، عد المكي واسماعيل { وأباريق } ولم يعده الباقون . وعد المدني والكوفى { وحور عين } ولم يعده الباقون . قرأ ابو جعفر وأهل الكوفة إلا عاصماً وخلفاً { وحور عين } خفضاً . الباقون بالرفع . فمن رفع حمله على : ولهم حور عين . واختاروا الرفع لأن الحور العين لا يطاف بهن ، وإنما يطاف بالكأس ، وعلى هذا يلزم أن يقرأ { وفاكهة } رفعاً وكذلك { ولحم طير } بالرفع لانهما لا يطاف بهما ، فما اعتذروا في ذلك فهو عذر من قرأ بالخفض . ومن خفض عطف على الاول لتشاكل الكلام من غير اخلال بالمعنى إذ هو مفهوم . وقال الزجاج : ويكون تقديره ينعمون بكذا وحور عين . وقال ابو على تقديره وفي مجاورة حور عين أو معانقة حور عين ، لأن الكلام الاول يدل عليه وقال الشاعر : @ اذا ما الغانيات برزن يوماً وزججن الحواجب والعيونا @@ والمعنى وكحلن العيون فرده على قوله ( وزججن ) ومثله : @ ( متقلداً سيفاً ورمحاً ) @@ اي وحاملا رمحاً . وكان يجوز النصب على تقدير ويعطون حوراً عيناً كما قال الشاعر : @ جئني بمثل بني بدر لقومهم او مثل اخوة منظور بن سيار @@ لما كان معنى جئني هات عطف او مثل على المعنى وقال الحسن الحور البيض . وقال مجاهد يحار فيهن البصر . لما ذكر الله تعالى ان السابقين إلى الخيرات والطاعات هم المقربون إلى نعيم الجنة وثوابها ، فانهم على سرر موضونة متقابلين ، اخبر انه { يطوف عليهم ولدان } يعني صبيان { مخلدون } فالطوف الزور بالتنقل في المكان ، ومنه الطائف الذي يطوف بالبلد على وجه الحرس . والولدان جمع وليد . ومخلدون قال مجاهد معناه باقون لهم لا يموتون . وقال الحسن : معناه انهم على حالة واحد لا يهرمون ، يقال : رجل مخلد اي باق زماناً أسود اللحية لا يشيب وقال الفراء : معناه مقرطون والخلد القرط . والاكواب جمع كوب وهي اباريق واسعة الرؤوس بلا خراطيم - فى قول قتادة - قال الاعشى : @ صليفية طيباً طعمها لها زبد بين كوب ودن @@ والاباريق التي لها عرى وخراطيم واحدها إبريق و { كأس من معين } اي يطوفون عليهم ايضاً بكأس من خمر معين ظاهر للعيون جار { لا يصدعون عنها } اي لا يلحقهم الصداع من شربها { ولا ينزفون } اي لا تنزف عقولهم بمعنى لا تذهب بالسكر - فى قول مجاهد وقتادة والضحاك - ومن قرأ { ينزفون } بالكسر ، وهو حمزة والكسائي وخلف ، حمله على أنه لا تفنى خمرهم قال الأبرد : @ لعمري لئن أنزفتم او صحوتم لبئس الندامى كنتم آل أبجرا @@ وقوله { وفاكهة مما يتخيرون } أي ويطاف عليهم بفاكهة مما يختارونه ومما يشتهونه ، وينعمون بفاكهة مما يشتهونه . وقوله { ولحم طير مما يشتهون } أي ويطاف عليهم او ينعمون بلحم طير مما يشتهون . وقوله { وحور عين } من رفعه حمله على معنى ولهم فيها حور عين ، لانهن لا يطاف بهن وإنما يطاف بالكأس . ومن جر فعلى معنى وينعمون بحور عين او يحصلون فى معانقة حور عين . والحور جمع حوراء والحور نقاء البياض من كل شائب يجري مجرى الوسخ . وقوله { كأمثال اللؤلؤ } أي مثل هؤلاء الحور فى البياض والنقاء مثل اللؤلؤ { المكنون } يعني الدر المصون عما يلحق به من دنس كأنه مأخوذ من أن الدرة تبقى على حسنها اكثر مما يبقى غيرها لطبعها وصيانة الناس لها قال عمر بن أبي ربيعة : @ وهي زهراء مثل لؤلؤ الغواص ميزت من جوهر مكنون @@ { جزاء } أي يفعل ذلك بهم جزاء ومكافأة على ما عملوه فى دار الدنيا من الطاعات وأجتناب المعاصي ثم قال { لا يسمعون فيها لغواً } أي لا يسمع المثابون في الجنة لغواً يعنى ما لا فائدة فيه من الكلام ، لأن كل ما يتكلمون به فيه فائدة { ولا تأثيما } ولا يجري فيها ما يؤثم فيه قائله من قبيح القول { إلا قيلا سلاما سلاما } يعني لكن يسمعون قول بعضهم لبعض على وجه التحية { سلاما سلاماً } إنهم يتداعون بالسلام على حسن الآداب وكريم الأخلاق الذي يوجب التواد ، لان طباعهم قد هذبت على أتم الكمال . ونصب ( سلاماً ) على تقدير سلمك الله سلاماً بدوام النعمة وحال الغبطة ، وجاز ان يعمل فيه سلام ، لانه يدل عليه ، كما يدل على قوله { والله أنبتكم من الأرض نباتاً } ويصلح أن يكون سلاماً نعتاً لقوله { قيلا } ويصلح أن ينتصب بـ ( قيل ) فالوجوه الثلاثة محتملة . وقيل { إلا قيلا سلاماً سلاماً } أي قولا يؤدي إلى السلامة .