Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 21-22)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
آيتان وبعض آية في المكى والمدني الأخير ، وآيتان فيما عداه ، عد المكي والمدني الأخير إلى { قوي عزيز } تمام التي قبلها . قرأ الاعشى { عشيراتهم } على الجمع ، الباقون { عشيرتهم } على الافراد . قوله { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي } معناه إنه كتب في اللوح المحفوظ وما كتبه فلا بد من ان يكون . وقال الحسن : ما أمر الله نبياً قط بحرب الا غلب إما في الحال او فيما بعد . ويحتمل ان يكون المراد { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي } بالحجج والبراهين ، وان جاز ان يغلب في الحرب في بعض الأوقات . والغلبة قهر المنازع حتى يصير في حكم الذليل للقاهر ، وقد يقهر ما ليس بمنازع ، كقولهم قهر العمل حتى فرغ منه . والله تعالى غالب بمعنى انه قاهر لمن نازع أولياءه . وقوله { إن الله قوي عزيز } اخبار منه تعالى انه قادر لا يمكن احداً من قهره ولا غلبته لان مقدوراته لا نهاية لها ومن كان كذلك لا يمكن قهره . والعزيز المنيع بكثرة مقدوراته . وقوله { لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله } معناه ان المؤمن لا يكون مؤمناً كامل الايمان والثواب يواد من خالف حدود الله ويشاقه ويشاق رسوله ومعنى يواده يواليه ، وان كان ذلك الذي يواده أباه او ابنه او اخاه او عشيرته ، فمن خالف ذلك ووالى من ذكرناه كان فاسقاً ، لا يكون كافراً ، وكل كافر فهو محاد لله ولرسوله . والموادة الموالاة بالنصرة والمحبة ، فهذا لا يجوز إلا للمؤمن بالله دون الكافر ، والفاسق المرتكب للكبائر ، لانه يجب البراءة منهما ، وهي منافية للموالاة . والآية نزلت في حاطب بن ابي بلتقة حين كتب إلى اهل مكة يشعرهم بأن النبي صلى الله عليه وآله عزم على ان يأتي مكة بغتة يفتحها . وكان النبي صلى الله عليه وآله أخفى ذلك ، فلما عوتب على ذلك ، قال أهلي بمكة احببت ان يحوطوهم بيد تكون لي عندهم ، فانزل الله تعالى فيه الآية . ثم قال تعالى { أولئك } يعني الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر { كتب في قلوبهم الإيمان } ومعناه انه جعله بحكمه ، فكأنه مكتوب فيه . وقيل : معناه إنه جعل فى قلوبهم سمة تدل من علمها أنهم من اهل الايمان . وقال الحسن : معناه انه ثبت الايمان فى قلوبهم بما فعل بهم من الالطاف { وأيدهم بروح منه } أي قواهم بنور البرهان والحجج حتى اهتدوا للحق وعملوا به ، وقيل : أيدهم بجبرائيل من أمر الله فى كثير من المواطن ينصرهم ويدفع عنهم { ويدخلهم جنات } أي بساتين { تجري من تحتها الأنهار } أي من تحت أشجارها الأنهار . وقيل : ان أنهارها أخاديد فى الارض ، فلذلك قال { من تحتها الأنهار } . والانهار جمع نهر { خالدين فيها } أي مؤبدين لا يفنون ولا يخرجون منها ، وهو نصب على الحال { رضى الله عنهم } باخلاص الطاعة منهم { ورضوا عنه } بثواب الجنة . ثم قال { أولئك حزب الله } يعني جنده وأولياؤه ، ثم قال { ألا } وهي كلمة تنبيه { إن حزب الله } يعني جنوده واولياءه { هم المفلحون } والمفلح هو المنجح بادراك ما طلب . وقال الزجاج : حزب الله هم الذين اصطفاهم الله . وقرأ المفضل عن عاصم { كتب في قلوبهم الإيمان } على ما لم يسم فاعله . الباقون بفتح الكاف بمعنى إن الله كتب ذلك عليهم .