Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 16-20)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

خمس آيات عراقي وشامي ، والمدني الاول ، واربع آيات وبعض آية مكي والمدني الآخر ، عد العراقي والشامي والمدني الأول { في الأذلين } ولم يعده الباقون . لما ذكرالله تعالى المنافقين بأنهم تولوا قوماً من اليهود الذين غضب الله عليهم وذكر ما أعده لهم من العقاب ، وذكر انهم يحلفون على الكذب مع علمهم بأنهم كاذبون قال انهم { اتخذوا أيمانهم } التي يحلفون بها { جنة } أي سترة وترساً يدفعون بها عن نفوسهم التهمة والظنة إذا ظهرت منهم الريبة . والاتخاذ جعل الشيء عدة ، كما يقال : اتخذ سلاحاً ، واتخذ كراعاً ورجالا واتخذ داراً لنفسه إذا اعدهما لنفسه ، فهؤلاء جعلوا الأيمان عدة ليدفعوا بها عن نفوسهم الظنة . والجنة السترة وأصله التستر ومنه الجنة لاستتارهم عن العيون ، والجنة لاستتارها بالشجر ، والمجن الترس لستره صاحبه عن ان يناله السلاح . وقوله { فصدوا عن سبيل الله } أي صدوا نفوسهم وغيرهم عن سبيل الله التي هي الحق والهدى . وقيل : فصدوا عن سبيل الله من قبلهم بكفرهم . ثم بين تعالى ما لهم على ذلك فقال { فلهم عذاب مهين } يهينهم ويذلهم والاهانه الاحتقار يقال : اهانه يهينه إهانة ، ومثله أذله يذله إذلالا واخزاه يخزيه إخزاء ، ونقيضه الاكرام ، ثم قال { لن تغني عنهم أموالهم } التي جمعوها { ولا أولادهم } الذين خلفوهم { من الله شيئاً } يدفع عقابه عنهم ، أغنى يغني عنى اذا دفع عنه دفعاً يستغنى عنه . ثم قال { أولئك } مع هذا كله { أصحاب النار } أي الملازمون لها { وهم فيها خالدون } مؤبدون لا يخرجون عنها { يوم يبعثهم الله جميعاً } و { يوم } يتعلق بـ { لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً … يوم يبعثهم الله جميعاً } يعنى يوم القيامة { فيحلفون له } أى يقسمون لله { كما يحلفون لكم } في الدنيا بأنهم كانوا مؤمنين في الدنيا في اعتقادهم وظنهم ، لانهم كانوا يعتقدون أن ما هم عليه هو الحق { ويحسبون أنهم على شيء } معناه يظنون أنهم على شيء في هذه الأيمان . فقال الله تعالى { ألا إنهم هم الكاذبون } فيما يذكرونه من الأيمان والمعنى إنهم لم يكونوا مؤمنين على الحقيقة ، وإنما كان اعتقادهم اعتقاد جهل . وقيل : معناه انهم { هم الكاذبون } في الدنيا . وقيل : معناه ألا إنهم هم الخائبون ، يقال كذب ظنه اذا خاب أمله . وقال قوم { ويحسبون أنهم على شيء } يعنى في دار الدنيا ، ولا يحسبون ذلك في الآخرة لانهم يعلمون الحق اضطراراً ، وهم ملجئون الى الافعال الحسنة وترك القبيح . قال الرماني : وهذا غلط ، لانه مخالف لظاهر القرآن بغير دليل ، قال والصواب ما قال الحسن في أن الآخرة مواطن يمكنون في بعضها من فعل القبيح ، ولا يمكنون في بعض ، ويكون كذبهم ككذب الصبي الدهش الذى يلحقهم . وقال قوم : ان قوله { ألا إنهم هم الكاذبون } اخبار عن حالهم في الدنيا بأنهم كاذبون في الدنيا في قولهم : انا مؤمنون ، وهم منافقون ، لان الكذب لا يجوز ان يقع منهم في الآخرة على وجه . ثم قال تعالى { إن الذين يحادون الله ورسوله } أى يخالفونه في حدوده . وقال مجاهد : معناه يشاقون الله ورسوله بأن يحصلوا في حد آخر عادلين عن حدود الله . وقوله { أولئك في الأذلين } اخبار منه تعالى ان الذين يحادونه ويحادون رسوله اولئك في الاحقرين المهانين عند الله . وقال الزجاج : معناه في المغلوبين . وقوله { استحوذ عليهم الشيطان } معناه استولى عليهم ، فالاستحواذ الاستيلاء على الشيء بالاقتطاع . واصله من حاذه حوذاً مثل جازه يجوزه جوزاً { فأنساهم ذكر الله } حتى لا يذكرون الله ، ولا يخافونه ثم قال { أولئك } يعنى الذين { استحوذ عليهم الشيطان } جنود الشيطان وحزبه . ثم قال { ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون } لانهم يخسرون الجنة ويحصل لهم بدلها النار وذلك هو الخسران المبين