Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 59, Ayat: 16-20)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

معنى قوله { كمثل الشيطان } أي مثل هؤلاء المنافقين فيما قالوا لليهود ، مثل قيل الشيطان { إذ قال للإنسان اكفر } واغواه به ودعاه اليه { فلما كفر } يعني الانسان { قال } الشيطان { إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين } بمعنى أخاف عقابه . وإنما يقول الشيطان للانسان اكفر بأن يدعوه اليه ويغويه به ويقول له : التوحيد ليس له حقيقة والشرك هو الحق ويأمره بجحد النبوة ، ويقول لا أصل لها . وإنما هي مخرقة . والبراءة قطع العلقة إلى ما تقتضيه العداوة فهذه البراءة من الدين ، وقد تكون البراءة قطع العلقة بما يدفع المطالبة كبراءة الدين ، وبراءة الطلاق ، وبراءة الذمي إذا أخذت منه الجزية . والاصل قطع العلقة التي يقع بها مطالبة فى نقيض الحكمة ، فالتقدير فى الآية إن مثل المنافقين فى وعدهم لبني النضير مثل الشيطان فى وعده للانسان بالغرور ، فلما أحتاج اليه الانسان أسلمه للهلاك . وقيل : إن ذلك فى إنسان بعينه كل من الرهبان فاغواه الشيطان بأن ينجيه من بلية وقع فيها عند السلطان ، فقال له : اسجد لي سجدة واحدة ، فلما احتاج اليه أسلمه حتى قتل - روي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود - وقال مجاهد : هو عام فى جميع الكفار ، فقال الله تعالى { فكان عاقبتهما } يعني عاقبة الفريقين الداعي والمدعو من الشيطان ومن أغواه والمنافقين واليهود { أنهما في النار } معذبان فيها ، والعاقبة نهاية العمل فى البادية ، فعاقبة الطاعة الله تعالى الجنة ، وعاقبة معصيته النار { خالدين فيها } أي مؤبدين فيها معذبين ثم قال { وذلك جزاء الظالمين } لانفسهم بارتكاب المعاصي . ثم خاطب المؤمنين فقال { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } باجتناب معاصيه وفعل طاعاته { ولتنظر نفس ما قدمت لغد } أي تنظر وتفكر ما الذي تقدمه من الافعال ليوم القيامة من طاعة او معصية { واتقوا الله } باجتناب معاصيه وفعل طاعاته { إن الله خبير بما تعملون } أي عالم بأعمالكم لا يخفى عليه شيء منها فيجازيكم بحسبها على الطاعات بالثواب وعلى المعاصي بالعقاب . وقيل معناه { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } فيما تقدم نفس لغد { واتقوا الله } فيما يعلمه منكم ، وليس ذلك بتكرار ثم قال { ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم } أي كالذين تركوا أداء حق الله فانهم نسوه فأنساهم أنفسهم بأن حرمهم حظوظهم من الخير والثواب ، وقال سفيان : نسوا حق الله فأنساهم حظ أنفسهم . وقيل : نسوا الله بترك ذكره والشكر والتعظيم فأنساهم انفسهم بالعذاب الذي نسي به بعضهم بعضاً ، كما قال تعالى { فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم } أي يسلم بعضكم على بعض ثم اخبر عنهم فقال { أولئك هم الفاسقون } الذين خرجوا من طاعته إلى معصيته . وقوله { لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة } أي لا يتساويان ، لان هؤلاء مستحقون للنار وأولئك مستحقون لثواب الجنة ، ثم قال { أصحاب الجنة هم الفائزون } بثواب الله . ولا يدل على أن من معه إيمان وفسق لا يدخل الجنة ، لأنه تعالى قسم أصحاب الجنة وأصحاب النار الذين يستحقون ثواباً بلا عقاب او عقاباً بلا ثواب ، لانهما لا يتقاربان ، ولم يذكر من يستحق الامرين . وعندنا أن الفاسق المسلم يستحق الأمرين فليس هو داخلاً فيه .