Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 126-127)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الاشارة بقوله { وهذا صراط ربك مستقيما } يمكن ان تكون الى أحد شيئين : احدهما - ما قال ابن عباس : انه راجع الى الاسلام . والثاني - أن تكون اشارة الى البيان الذي في القرآن ، وأضيف الصراط الى الله في قوله { صرط ربك مستقيما } لانه لما كانت الاضافة فيه انما هي على أنه الذي نصبه ودل به ، وغلب عليه الاستعمال . ولم يجز قياسا على ذلك ان يقال : هذا طريق ربك ، لانه لم تجر العادة باستعماله كما انهم استعملوا قولهم : هذا في سبيل الله ، ولم يقولوا في طريق الله ، لما قلناه . وقوله { مستقيما } نصب على الحال ومعناه الذي لا اعوجاج فيه . فان قيل كيف يقال : انه مستقيم مع اختلاف وجوه الادلة ؟ ! قلنا : لانها مع اختلافها يؤدي كل واحد منها الى الحق ، وكأنها طريق واحد لسلامة جميعها من التناقض والفساد ، وكلها تؤدي من تمسك بها الى الثواب وقوله { قد فصلنا الآيات } أي بيناها { لقوم يذكرون } وانما أعيد ذكر تفصيل الآيات للاشعار بأن هذا الذي تقدم من الآيات التي فصلها الله عز وجل للعباد . وقوله { يذكرون } أصله يتذكرون فقلبت التاء ذالا وأدغمت الاولى في الثانية ، ولم يجز قلب الذال الى الدال كما جاز في { فهل من مدكر } لانهم لما لم يجيزوا ادغام التاء في الدال ، لانها أفضل منها بالجهر ، قلبت الى الدال لتعديل الحروف وليس كذلك ادغام التاء في الذال . وانما خص الآيات بقوم يتذكرون لانهم المنتفعون بها وان كانت آيات لغيرهم ، كما قال { هدى للمتقين } . وفي الآية دلالة على بطلان قول من قال : المعارف ضرورية لانها لو كانت ضرورية لم يكن لتفصيل الآيات ليتذكر بها فائدة . وقوله { لهم دار السلام } هذه لام الاضافة وانما فتحت مع المضمر وكسرت مع الظاهر لامرين : احدهما - طلبا للتخفيف ، لان الاضمار موضع تخفيف ، وفتحت في الاستغاثة في ( يالبكر ) تشبيها بالكناية ، ولانه موضع تخفيف بالترخيم وحذف التنوين . والثاني - أن اصلها الفتح ، وانما كسرت مع الظاهر للفرق بينها وبين لام الابتداء . وقيل في معنا { السلام } ها هنا قولان : احدهما - قال الحسن والسدي : انه الله وداره الجنة . والثاني - قال الزجاج والجبائي : انها دار السلامة الدائمة من كل آفة وبلية . وقوله { عند ربهم } قيل في معناه قولان : أحدهما - مضمون عند ربهم حتى يوصله اليهم . الثاني - في الآخرة يعطيهم اياه . وقوله { وهو وليهم } يعني الله . وفي معنى ( الولي ) قولان : احدهما - انه يتولى ايصال المنافع اليهم ودفع المضار عنهم . الثاني - ناصرهم على اعدائهم . وقوله { بما كانوا يعملون } يعني جزاء باعمالهم ، وهو وان كان مطلقا فالمراد بما كانوا يعملونه من الطاعات ، لان من المعلوم ان ما لم يكن طاعة فلا ثواب عليه . ويجوز ايضا ان يكون مقيدا لدلالة قوله { يذكرون } عليه . والموعود بهذا الوعد المتذكر لآيات الله بحقها ، وهو العامل بها .