Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 128-128)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حفص وروح { ويوم يحشرهم } بالياء . الباقون بالنون . من قرأ بالياء فلقوله { لهم دار السلام عند ربهم . ويوم يحشرهم } والنون كالياء في المعنى ، ويقوي النون قوله { وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا } وقوله { ونحشره يوم القيامة أعمى } والذي يتعلق به ( اليوم ) هذا القول المضمر . والمعنى ويوم نحشرهم جميعا نقول { يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس } أي قد استكثرتم ممن أضللتموه من الانس بالاغواء والاضلال . قال ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد : معناه استكثرتم من اغوائهم واضلالهم { وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض } . وقيل في وجه الاستمتاع من بعضهم ببعض قولان : احدهما - بتزيين الامور التي يهوونها حتى يسهل عليهم فعلها . والثاني - قال الحسن وابن جريج والزجاج والفراء وغيرهم : انه اذا كان الرجل أراد ان يسافر فيخاف سلوك طريق من الجن فيقول : اعوذ بسيد هذا الوادي ، ثم يسلك فلا يخاف ، كما قال تعالى { وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا } ووجه استمتاع الجن بالانس أنهم اذا اعتقدوا ان الانس يتعوذون بهم ، ويعتقدون انهم ينفعونهم ويضرونهم أو أنهم يقبلون منهم إِذا أغووهم كان في ذلك تعظيم لهم وسرور ونفع ، ذكر ذلك الزجاج والبلخي والرماني . وقال البلخي : ويحتمل ان يكون قوله { استمتع بعضنا ببعض } مقصوراً على الانس ، فكأن الانس استمتع بعضهم ببعض دون الجن . وقوله { بلغنا أجلنا الذي أجَّلت لنا } قيل في معناه قولان : احدهما - قال الحسن والسدي : انه الموت . الثاني - الحشر ، لان كل واحد منهما اجل في الحكم ، فالموت اجل استدراك ما مضى ، والحشر أجل الجزاء . وقال ابو علي : في الآية دلالة على انه لا اجل الا واحد ، قال لانه لوكان له اجلان فكان اذا اقتطع دونه بأنه قتل ظلما لم يكن بلغ اجله ، والآية تتضمن انهم اجمع يقولون : بلغنا اجلنا الذي اجلت لنا . وقال الرماني وغيره من البغداديين : لا تدل على ذلك ، بل لا يمتنع ان يكون له أجلان : احدهما ما يقع فيه الموت ، والآخر ما يقع فيه الحشر ، وما كان يجوز أن يعيش اليه . وقوله { قال النار مثواكم } جواب من الله تعالى لهم بأن النار مثواهم ، وهو المقام ، يقال : ثوى يثوي ثواء ، قال الشاعر : @ لقد كان في حول ثواء ثويته تقضي ليانات ويسأم سائم @@ ومعنى الآية التقريع للغواة من الجن والانس مع إِعترافهم بالخطيئة في وقت لا ينفعهم الندم على ما سلف ، وخاصة اذا كان الجواب لهم بأن مثواهم النار { خالدين فيها } أي مؤبدين فيها ، وهو نصب على الحال . وقوله { إلا ما شاء الله } قيل في معنى هذا الاستثناء ثلاثة اقوال : احدها - { إلا ما شاء الله } من الفائت قبل ذلك من الاستحقاق من وقت الحشر الى زمان المعاقبة ، وتقديره : خالدين فيها على مقادير الاستحقاق الا ما شاء الله من الفائت قبل ذلك ، لان ما فات يجوز اسقاطه بالعفو عنه . والفائت من الثواب لا يجوز تركه ، لانه بخس لحقه ، ذكره الرماني والبلخي والطبري والزجاج والجبائي . الثاني - { إلا ما شاء الله } من تجديد الخلود بعد احتراقهم وتصريفهم في انواع العذاب فيها ، والتقدير خالدين فيها على صفة واحدة الا ما شاء الله من هذه الامور . الثالث - ما حكي عن ابن عباس ، حكاه الرماني والطبري عنه أنه قال : هذه الآية توجب الوقف في جميع الكفار ، فانه ذهب الى ان وعيدهم بالقطع يدل عليه فيما بعد ، وهو قوله { إن الله لا يغفر أن يشرك به } وقال قوم : معنى ( ما ) ( من ) وتقديره الا من شاء الله اخراجه من النار من المؤمنين الذين لهم ثواب بعد استيفاء عقابهم . وقوله { إن ربك حكيم عليم } أي هو حكيم فيما يفعله من جزائهم . وعالم بذلك وبغيره من المعلومات لا يخفى عليه شيء منها .