Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 133-133)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اخبر الله تعالى في هذه الآية بأنه الغني . والغني هو الحي الذي ليس بمحتاج . والغني عن الشيء هو الذي يكون وجود الشيء وعدمه وصحته وفساده عنده بمنزلة واحدة ، في انه لا يلحقه صفة نقص . و { ذو الرحمة } يعني صاحب الرحمة ، وهو تعالى بهذه الصفة لرحمته بعباده . ثم اخبره عن قدرته وانه لو شاء ان يذهب الخلق بأن يميتهم ويهلكهم ويستخلف من بعدهم ما يشاء بان ينشيء بعد هلاكهم كما أنشأهم في الاول من ذرية من تقدمهم . وكذلك ينشيء قوما آخرين من نسلهم وذريتهم ، والجواب محذوف والكاف في { كما } في موضع نصب وتقديره ويستخلف من بعدكم ما يشاء مثل ما استخلفكم . وفي ذلك دلالة على انه يصح القدرة على ما علم انه لا يكون لانه بين انه لو شاء لذهب بهم وأتى بقوم آخرين ولم يفعل ذلك ، فدل ذلك على انه يقدر على ما يعلم انه لا يفعله . و { من } في قوله { ويستخلف من بعدكم } للبدل كقولك : اعطيتك من دينارك ثوبا اي مكان دينارك وبدله ، ومعنى ( من ) في قوله { كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين } ابتداء الغاية لان التقدير ، ان ابتداء غايتكم من قوم آخرين وقيل في وزن { ذرية } ثلاثة أقوال : اولها - فعلية من الذر . الثاني - فعيلة على وزن خليفة من ذرأ الخلق يذرأهم . الثالث - فعولة من ( ذروة ) الا أن الهمزة ابدلت واوا ، ثم قلبت ياء ، فيكون بمنزلة عليَّة من علوة . وقرىء في الشواذ ( ذرية ) بكسر الذال وهما لغتان . وانشأ الله الخلق اذا خلقه وابتدأه وكل من ابتدأ شيئا فقد انشأه . ومنه قولهم : انشأ فلان قصيدة ، والنشأة الاحداث من الاولاد ، واحدها ناشىء مثل خادم وخدم ، ويقال للجواريْ أنشاء ، وللذكور نشاء ، قال نصيب : @ ولولا أن يقال صبا نصيب لقلت بنفسي النشأ الصغار @@ ويقال لهذا السحاب نشؤ حسن ، وهو اول ظهوره في السماء .