Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 29-30)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اخبر الله تعالى في هذه الآية عن الكفار الذين ذكرهم في الآية الاولى ، وبين أنهم قالوا لما دعاهم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) الى الايمان والاقرار بالبعث والنشور وخوفهم من العقاب في خلافه ، وحذرهم عذاب الآخرة والحشر والحساب على سبيل الانكار لقوله والتكذيب له { ما هي إلا حياتنا الدنيا } وعنوا أنه لا حياة لنا في الآخرة على ما ذكرت ، وانما هي هذه حياتنا التي حيينا بها في الدنيا وانا لسنا بمبعوثين الى الآخرة بعد الموت . ثم خاطب نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) فقال { ولو ترى إذ وقفوا على ربهم } يعني على ما وعدهم ربهم من العذاب الذي يفعله بالكفار في الآخرة والثواب الذي يفعله بالمؤمنين ، وعرفوا صحة ما كان اخبرهم به من الحشر والحساب . وقال لهم ربهم عند مشاهدتهم ووقوفهم عليه { أليس هذا بالحق ؟ قالوا بلى وربنا } مقرين بذلك مذعنين له وان كانوا قبل ذلك في الدنيا ينكرونه ، قال حينئذ { فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون } بذلك . ويحتمل أن يكون معنى { إذ وقفوا على ربهم } أنهم حبسوا ينتظر بهم ما يأمر كقول القائل : احبسه على أمره به . وقد ظن قوم من المشبهة أن قوله { إذ وقفوا على ربهم } أنهم يشاهدونه ، وهذا فاسد ، لان المشاهدة لا تجوز الا على الاجسام أو على ما هو حال في الاجسام ، وقد ثبت حدوث ذلك أجمع ، فلا يجوز أن يكون تعالى بصفة ما هو محدث . وقد بينا أن المراد بذلك : وقوفهم على عذاب ربهم وثوابه ، وعلمهم بصدق ما أخبرهم به في دار الدنيا دون أن يكون المراد به رؤيته تعالى ومشاهدته ، فبطل ما ظنوه ، وايضا فلا خلاف أن الكفار لا يرون الله ، والآية مختصة بالكافرين فكيف يجوز أن يكون المراد بها الرؤية ! فلا بد للجمع من التأويل الذي بيناه . ويجوز ان يكون المراد بذلك اذا عرفوا ربهم ، لانه سيعرفهم نفسه ضرورة في الآخرة ، وتسمى المعرفة بالشىء وقوفا عليه يقول القائل : وقفت على معنى كلامك ، والمعنى علمته ، واذا كان الكفار لا يعرفون الله في الدنيا وينكرونه ، عرفهم الله نفسه ضرورة ، فذلك يكون وقوفهم عليه ، فاذا عرفوه قال لهم { أليس هذا بالحق } يعني ما وعدهم به ، فيقولون { بلى } لانهم شاهدوا العقاب والثواب ولم يشكوا فيهما .