Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 31-31)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اخبر الله تعالى أنه خسر هؤلاء الكفار { الذين كذبوا بلقاء الله } يعني الذين كذبوا بما وعد الله به من الثواب والعقاب وجعل لقاءهم لذلك لقاء له تعالى مجازا ، كما يقول المسلمون لمن مات منهم : قد لقي الله وصار اليه . وانما يعنون : لقي ما يستحقه من الله وصار الى الموضع الذي لا يملك الامر فيه سواه ، كما قال { ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون } والموت لا يشاهد ، وانما أراد انكم كنتم تمنون الموت من قبل ان تلقوا أسبابه ، فقد رأيتم أسبابه وانتم تنظرون ، فجعل لقاء أسبابه لقاءه . وقوله { حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة } كل شىء أتى فجأة ، فقد بغت يقال : قد بغته الامر يبغته بغتا وبغتة اذا أتاه فجأة قال الشاعر : @ ولكنهم ماتوا ولم أخش بغتة وافظع شىء حين يفجؤك البغت @@ وقوله { قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها } قد علم أن الحسرة لا تدعى وانما دعاؤها تنبيه للمخاطبين . و ( الحسرة ) شدة الندم حتى يحسر النادم كما يحسر الذي تقوم به دابته في السفر البعيد . قال الزجاج : العرب اذا اجتهدت في المبالغة في الاخبار عن أمر عظيم يقع فيه جعلته نداء ، فلفظه لفظ ما ينبه ، والمنبه به غيره ، كقوله { يا حسرة على العباد } وقوله { يا حسرتى على ما فرطت } و { يا ويلتا أألد وأنا عجوز } و { يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا } ، فهذا أبلغ من ان يقول : أنا اتحسر على العباد وابلغ من ان يقول : الحسرة علينا في تفريطنا . قال سيبويه : اذا قلت يا عجباه فكأنك قلت احضر وتعال يا عجب ، فانه من أزمانك . وتأويل { يا حسرتنا } انتبهوا على أنا قد خسرنا . وقوله { على ما فرطنا فيها } يعني قدمنا العجز . وقيل معناه ما ضيعنا فيها يعني في الساعة . وانما يحسروا على تفريطهم في الايمان والتأهب لكونها بالاعمال الصالحة . وقوله { وهم يحملون أوزارهم } يعني ثقل ذنوبهم ، وهذا مثل جائزان يكون جعل ما ينالهم من العذاب بمنزلة أثقل ما يتحمل ، لان الثقل قد يستعمل في الوزن وقد يستعمل في الحال تقول في الحال : قد ثقل علي خطاب فلان ، ومعناه كرهت خطابه كراهة اشتدت علي . ويحتمل أن يكون المراد بالاوزار العقوبات التي استحقوها بالذنوب والعقوبات قد تسمى اوزاراً ، فبين أنه لثقلها عليهم يحملونها على ظهورهم . وذلك يدل على عظمها . و ( الوزر ) الثقل في اللغة واشتقاقه من الوزر ، وهو الجبل الذي يعتصم به . ومنه قيل : وزير ، كأنه يعتصم الملك به ، ومنه قوله { واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي } وقال { وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا } وقوله { ألا ساء ما يزرون } يعني بئس الشىء شيئا يزرونه أي يحملونه ، وقد بينا عمل ( بئس ، ونعم ) فيما مضى . ومثله { ساء مثلا القوم } ومعناه ساء مثلا مثل القوم . وقال بعضهم : معنى { يحملون أوزارهم على ظهورهم } وصف افتضاحهم في الموقف بما يشاهدونه من حالهم وعجزهم عن عبور الصراط كما يعبره المخفون من المؤمنين . ومعنى قوله { ألا ساء } ما ينالهم جزاء لذنوبهم واعمالهم الردية اذ كان ذلك عذابا ونكالا . وقوله { يزرون } من وزر يزر وزراً اذا أثم . وقيل أيضا ، وزر ، فهو موزور اذا فعل به ذلك . ومنه الحديث في النساء يتبعن جنازة قتيل لهن " أرجعن موزورات غير مأجورات " والعامة تقول ما زورات .