Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 2-2)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
معنى قوله { هو الذي خلقكم } أي انشأكم ، وأخترعكم { من طين } ومعناه خلق أباكم - الذي هو آدم وانتم من ذريته ، وهو بمنزلة الاصل لنا - من طين ، فلما كان أصلنا من الطين جازان يقول { خلقكم من طين } . وقوله { ثم قضى } معناه حكم بذلك . والقضاء يكون حكما ، ويكون أمرا ويكون الاتمام والاكمال . وقوله { أجلا وأجل مسمى عنده } قيل في معنام قولان : أحدهما - قال ابو علي : كتب للمرء أجلا في الدنيا ، وحكم بأنه أجل لنا ، وهو الاجل الذي يحيى فيه أهل الدنيا الى أن يموتوا ، وهو أوقات حياتهم ، لان أجل الحياة ، هو وقت الحياة ، وأجل الموت هو وقت الموت { وأجل مسمى عنده } يعني آجالكم في الآخرة ، وذلك أجل دائم ممدود لا آخر له ، وانما قال له { مسمى عنده } ، لانه مكتوب في اللوح المحفوظ ، في السماء وهو الموضع الذي لا يملك فيه الحكم على الخلق سواه . وقال الزجاج : أحد الاجلين أجل الحياة ، وهو الوقت الذي تحدث فيه الحياة ، ويحيون فيه { وأجل مسمى عنده } يعني أمر الساعة والبعث . وبه قال الحسن ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وعكرمة ، والضحاك . وقال بعضهم : { قضى أجلا } يعني أجل من مضى من الخلق { وأجل مسمى عنده } أجل الباقين . والذي نقوله : ان الاجل هو الوقت الذي تحدث فيه الحياة أو الموت ولا يجوز ان يكون المقدر أجلا ، كما لا يجوز أن يكون ملكا ، فان سمي - ما يعلم الله تعالى أنه لو لم يقتل فيه لعاش اليه - أجلا ، كان ذلك مجازا ، لان الحي لا يعيش اليه . ولا يمتنع أن يعلم الله من حال المقتول أنه لو لم يقتله القاتل لعاش الى وقت آخر . وكذلك ما روي : أن الصدقة وصلة الرحم تزيد في الاجل ، وما روي في قصة قوم يونس وأن الله صرف عنهم العذاب ، وزاد في آجالهم ، لا يمنع منه مانع ، وانما منع من التسمية لما قلناه . وقوله : { ثم أنتم تمترون } خطاب للكفار الذين يشكوُّن في البعث والنشور . احتج الله بهذه الآية على الذين عدلوا به غيره ، فأعلمهم انه خلقهم من طين ، ونقلهم من حال الى حال ، وقضى عليهم الموت ، فهم يشاهدون ذلك ، ويقرون بأنه لا محيص منه . ثم عجبهم من امترائهم أي من شكهم في انه الواحد القهار على ما يشاء ، وفي أنه لم يعبث بخلقهم وابقائهم واماتتهم بعد ذلك ، وأنه لا بد من جزاء المسيىء والمحسن ، ومثله قوله : { يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإِنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم } ان الذي قدر على ذلك قادر على أن يبعثكم بعد أن تكونوا ترابا . وقوله { وأجل مسمى عنده } رفع على الابتداء وتم الكلام عند قوله : { ثم قضى أجلا } .