Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 50-50)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

امر الله تعالى نبيه محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) ان يقول لعباده : { لا أقول لكم عندي خزائن الله } اغنيكم منها { ولا أعلم الغيب } الذي يختص بعلم الله تعالى فاعرفكم مصالح دنياكم ، وانما اعلم قدر ما يعلمني الله من امر البعث والجنة والنار ، وغير ذلك ، ولا ادعي اني ملك ، لاني انسان تعرفون نسبي ، لا اقدر على ما يقدر عليه الملك ، وما أتبع الا ما يوحي الله به إِلي . وبين لهم ان الملك من عند الله ، والوحي هو البيان الذي ليس بايضاح نحو الاشارة والدلالة ، لان كلام الملك كان له على هذا الوجه . وانما امره بأن يقول ذلك لئلا يدعوا فيه ما أدعت النصارى في المسيح ، ولئلا ينزلوه منزلة خلاف ما يستحقه . ثم امره بأن يقول لهم : { هل يستوي الأعمى والبصير } أي هل يستوي العارف بالله تعالى وبدينه العالم به مع الجاهل به وبدينه ، فجعل الاعمى مثلا للجاهل والبصير مثلا للعارف بالله ونبيه ، هذا قول الحسن والجبائي . وقال البلخي : معناه هل يستوي من صدق على نفسه واعترف بحاله التي هو عليها من الحاجة والعبودية لخالقه ، ومن ذهب عن البيان وعمي عن الحق { أفلا تتكفرون } فتنصفوا من أنفسكم وتعملوا بالواجب عليكم من الاقرار بوحدانيته تعالى ونفي الشركاء والتشبيه عنه ، وهذا وان كان لفظه لفظ الاستفهام فالمراد به الاخبار أي انهما لا يستويان . وقال مجاهد : الاعمى الضال والبصير المهتدي . ثم قال : { أفلا تتفكرون } تنبيها لهم على الفكر في ما يدعوهم الى معرفته ويدلهم عليه من آياته وأمثاله التي بينها في كتابه ، للفرق بين الحق والباطل ، والكافر والمؤمن . وقال الحسن : { لا أقول لكم عندي خزائن الله } يعني خزائن الغيب الذي فيه العذاب لقولهم : ائتنا بعذاب الله ، ولا اعلم الغيب متى يأتيكم العذاب { ولا أقول لكم إني ملك } من ملائكة الله . وانما أنا بشر تعرفون نسبي . ولكني رسول الله يوحى الي ، ولا أتبع الا ما يوحى الي ولا أؤدي الا ما يأمرني بأدائه واستدل الجبائي والبلخي وغيرهما بهذه الآية على ان الملائكة افضل من الانبياء لانه قال { ولا أقول لكم إني ملك } فلولا ان الملائكة أفضل وأعلى منزلة ما جاز ذلك . وهذا ليس بشىء لان الفضل الذي هو كثرة الثواب لا معنى له ها هنا ، وانما المراد { ولا أقول إني ملك } فاشاهد من امر الله وغيبته عن العباد ما يشاهده الملائكة المقربون المختصون بملكوت السماوات وان لم يكن في ذلك استحقاق ثواب زائد .