Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 82-82)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تحتمل هذه الآية ان تكون اخبارا عن الله تعالى دون الحكاية عن ابراهيم بأنه قال تعالى : ان من عرف الله تعالى وصدق به وبما أوجب عليه ولم يخلط ذلك بظلم ، فان له الامن من الله بحصول الثواب والامان من العقاب وهو المحكوم له بالاهتداء - وهو قول ابن اسحاق وابن زيد والطبري والجبائي وابن جريج - وقال البلخي : ان ذلك من قول ابراهيم ، لانه لما قطع خصمه والزمه الحجة أخبر ان الذين آمنوا ولم يلبسوا إِيمانهم بظلم فانهم الآمنون المهتدون . قال : وكذلك يفعل من وضحت حجته وانقطع بعد البيان خصمه . والظلم المذكور في الآية هو الشرك عند أكثر المفسرين : ابن عباس وسعيد ابن المسيب وقتادة ومجاهد وحماد بن زيد وأبيُّ بن كعب وسلمان ( رحمة الله عليه ) قال أبيُّ ألم تسمع قوله { إن الشرك لظلم عظيم } وهو قول حذيفة . وروي عن عبد الله بن مسعود انه قال لما نزلت هذه الآية شق على الناس ، وقالوا يا رسول الله وأينا لا يظلم نفسه ، فقال : انه ليس الذي تعنون ألم تسمعوا الى ما قال العبد الصالح { يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم } وقال الجبائي والبلخي واكثر المعتزلة : انه يدخل فيه كل كبيرة تحبط ثواب الطاعة ، قال فان من هذه صورته لا يكون آمنا ولا مهتديا . قال البلخي : ولو كان الامر على ما قالوه انه يختص بالشرك لوجب ان يكون مرتكب الكبيرة اذا كان مؤمنا يكون آمنا وذلك خلاف القول بالارجاء . وهذا الذي ذكروه خلاف أقاويل المفسرين من الصحابة والتابعين . وما قاله البلخي لا يلزم لانه قول بدليل الخطاب لان المشرك غير آمن بل هو مقطوع على عقابه بظاهر الآية ، ومرتكب الكبيرة غير آمن لانه يجوز العفو ، ويجوز المؤاخذة وان كان ذلك معلوما بدليل ، وظاهر قوله { ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } وان كان عاما في كل ظلم ، فلنا ان نخصه بدليل أقوال المفسرين وغير ذلك من الادلة الدالة على أنه يجوز العفو من غير توبة . وروي عن علي ( ع ) : أن الآية مخصوصة بابراهيم . وقال عكرمة مختصة بالمهاجرين . واما الظلم في أصل اللغة فقد قال الاصمعي هو وضع الشيء في غير موضعه ، قال الشاعر يمدح قوما : @ هرت الشقاشق ظلامون للجزر @@ فوصفهم انهم ظلامون للجزر ، لانهم عرقبوها فوضعوا النحر في غير موضعه ، وكذلك الارض المظلومة سميت بذلك لانه صرف عنها المطر ، ومنه قول الشاعر : @ والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد @@ سماها مظلومة لانهم كانوا في سفر فتحوضوا حوضا لم يحكموا صنعته ولم يضعوه في موضعه .