Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 95-95)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في هذه الآية تنبيه لهؤلاء الكفار الذين اتخذوا مع الله آلهة عبدوها ، وحجة عليهم ، وتعريف منه لهم خطأ ما هم عليه من عبادة الاصنام ، بأن قال : إِن الذي له العبادة ومستحقها هو الله الذي فلق الحب ، يعني شقه من كل ما ينبت عن النبات ، فأخرج منه الزروع على اختلافها ، { والنوى } من كل ما يغرس مما له نواة فأخرج منه الشجر ، والحب هو جمع حبة ، والنوى جمع نواة وذلك لا يقدر عليه إِلا الله تعالى القادر بنفسه ، لان القادر بقدرة لا يقدر على شق ذلك الا بآلة ، ولا يقدر على انبات شيء واخراج شيء منهما ، فعلم انه من فعل ذلك هو الله الذي لا يشبه شيئا من الاجسام ، ولا يشبهه شيء ، القادر على اختراع الاعيان بلا معاناة ولا مزاولة . ثم أخبر أنه { يخرج الحيَّ من الميت } لان الله تعالى يخلق الحي من النطفة ، وهي موات ، ويخلق النطفة ، وهي موات من الحي ، وهو قول الحسن وقتادة وابن زيد وغيرهم . وقال الضحاك وابن عباس : معنى { فالق الحب والنوى } خالقهما . وقال مجاهد وابو مالك : هو الشق الذي في الحبة والنوى . والاول أقوى الاقوال . وقال قوم : أراد باخراج الحي من الميت إِخراج السنبل وهي حي من الحبِّ وهو ميت ، ومخرج الحب الميت من السنبل الحي ، والشجر الحي من النوى الميت ، والنوى الميت من الشجر الحي . والعرب تسمي الشجر ما دام غضا قائما بانه حي ، فاذا يبس أو قطع من أصله او قلع سموه ميتا ، ذهب اليه السدي والطبري والجبائي . وما ذكرناه أولا قول ابن عباس ، وهو الاقوى ، لانه الحقيقة . وما ذكروه مجاز ، وان كان جائزا محتملا . وقوله { ذلكم الله فأنى تؤفكون } معناه أن فاعل ذلك كله الله تعالى فأنى وجوه الصد عن الحق أيها الجاهلون تصدون ، وعن العذاب تصدفون ، أفلا تتدبرون ، فتعلمون أنه لا ينبغي أن يجعل لمن أنعم عليكم - فخلق الحب والنوى واخرج من الحي الميت ، ومن الميت الحي ، ومن الحب الزرع ومن النوى الشجر - شريك في عبادته ما لا يضر ولا ينفع ولا يسمع ولا يبصر . وفي الآية دلالة على بطلان قول من قال : إِن الله تعالى يحول بين العبد وبين ما دعاه اليه إِذ يخلق فيه ما نهاه عنه ، لانه قال : فانَّى تؤفكون ، ولو كان شيئا من ذلك لكان هو المؤفك لهم والصارف . تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً . ومعنى قوله { فأني تؤفكون } اي تصرفون عقولكم ، وهو قول الحسن وغيره والافك هو الكذب .