Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 60, Ayat: 10-10)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابو عمرو واهل البصرة { ولا تمسكوا } بالتشديد . الباقون { تمسكوا } خفيفة وهما لغتان . يقولون امسكت به وتمسكت به . قيل كان سبب نزول هذه الآية إن النبي صلى الله عليه وآله كان صالح قريشاً يوم الحديبية على ان يرد عليهم من جاء بغير أذن وليه ، فلما هاجر النساء وقيل : هاجرت كلثم بنت أبي معيط فجاء أخواها فسألا رسول الله صلى الله عليه وآله أن يردها ، فنهى الله تعالى ان يرددن الى المشركين ، ونسخ ذلك الحكم ، ذكره عروة بن الزبير . فقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا } بالله ورسوله { إذا جاءكم المؤمنات } بالله ورسوله { مهاجرات } من دار الحرب إلى دار الاسلام { فامتحنوهن } وقيل فى كيفية الامتحان أربعة اقوال : قال ابن عباس : كانت امتحان رسول الله إياهن أن يحلفن بالله ما خرجت من بغض زوج وبالله ما خرجت رغبة عن ارض ، وبالله ما خرجت التماس دنياً وبالله ما خرجت إلا حباً لله ورسوله - وفى رواية أخرى - عن ابن عباس قال : كان امتحاناً لهن أن يشهدن أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله . وروي عن عائشة انه كان امتحانهن بما فى الآية التي بعدها ، { يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن … } ، الآية ، وقال ابن عباس وقتادة : كان امتحانهن ما خرجن إلا للدين ، ورغبة فى الاسلام وحباً لله ورسوله كقول ابن عباس الأول . ثم قال { الله أعلم بإيمانهن } لأنه يعلم باطنهن وظاهرهن وانتم لا تعلمون باطنهن ثم قال { فإن علمتموهن مؤمنات } يعني فى الظاهر { فلا ترجعوهن إلى الكفار } أي لا تردوهن اليهم { لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن } قال ابن زيد : وفرق بينهما النبي صلى الله عليه وآله وإن لم يطلق المشرك . وقيل : إن النبي صلى الله عليه وآله كان شرط لهم رد الرجال دون النساء ، فعلى هذا لا نسخ فى الآية . ومن قال كان شرط رد النساء والرجال قال : نسخ الله حكم رد النساء . وقوله { وآتوهم ما أنفقوا } قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد : اعطوا رجالهم ما انفقوا من الصداق . وقال الزهري : لولا الهدنة لم يرد إلى المشركين صداقاً كما كان يفعل قبل . وقيل نسخ رد المهور على الأزواج من المشركين ثم قال { ولا جناح عليكم } معاشر المؤمنين { أن تنكحوهن } يعني المهاجرات لانهن بالاسلام قد بنّ من أزواجهن { إذا آتيتموهن أجورهن } يعني مهورهن التي يستحل بها فروجهن . وقوله { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } فالكوافر جمع كافرة ، والعصمة سبب تمنع به من المكروه وجمعه عصم . وفي ذلك دلالة على انه لا يجوز العقد على الكافرة سواء كانت ذمية او حربية او عابدة وثن ، وعلى كل حال ، لانه عام فى جميع ذلك وليس لاحد أن يخص الآية بعابدة الوثن لنزولها بسببهم ، لان المعتبر بعموم اللفظ لا بالسبب . وقوله { واسألوا ما أنفقتم } يعني إذا صارت المرأة المسلمة إلى دار الحرب عن دار الاسلام فاسألوهم عن ان يردوا عليكم مهرهن ، كما يسئلونكم مهر نسائهم إذا هاجرن اليكم ، وهو قوله { وليسألوا ما أنفقوا } ثم قال { ذلكم } يعني ما تقدم ذكره وشرحه { حكم الله يحكم بينكم والله عليم } بجميع الاشياء { حكيم } فيما يفعله ويأمركم به . وقال الحسن : كان فى صدر الاسلام تكون المسلمة تحت الكافر والكافرة تحت المسلم فنسخت هذه الآية ذلك . والمفسرون على ان حكم هذه الآية منسوخ ، وعندنا أن الآية غير منسوخة ، وفيها دلالة على المنع من تزوج المسلم اليهودية والنصرانية ، لانهما كافرتان والآية على عمومها فى المنع من التمسك بعصم الكوافر ، ولا نخصها إلا بدليل .