Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 60, Ayat: 11-13)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

معنى قوله { وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار } أي إن أعجزكم ومضى شيء من أزواجكم إلى كفار أهل مكة ومعنى شيء أحد ، فكأنه قال وإن فاتكم احد منكم { فعاقبتم } بمصير أزواج الكفار اليكم إما من جهة سبي او مجيئهن مؤمنات { فآتوا الذين ذهبت أزواجهم } إلى الكفار { مثل ما أنفقوا } من المهور كما عليهم أن يردوا عليكم مثل ما أنفقتم لمن ذهب من أزواجكم . قال الزجاج : وقد قرىء { فعقبتم } بلا الف مشدداً ومخففاً ، وجاء فى التفسير فغنمتم ومعناه في اللغة فكانت العقبى لكم أي كانت لكم الغلبة حتى غنمتم ، قال { وعقبتم } مشددة أجودها في اللغة ، ومخففة جيدة أيضاً أي صارت لكم عقبى ، والتشديد أبلغ ومعنى { فعاقبتم } أصبتموهم في القتال بعقوبة حتى غنمتم أي ان مضت امرأة منكم إلى من لا عهد بينكم وبينه { فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا } يعني فى مهورهن ، وكذلك إن مضت الى من بينكم وبينه عهد فنكث فى اعطاء المهر ، فالذي ذهبت زوجته يعطى المهر من الغنيمة ولا ينقص شيئاً من حقه بل يعطى حقه كاملا بعد إخراج مهور النساء . وقال الزهري : فآتوا الذين ذهبت أزواجهم من المؤمنين مثل ما أنفقوا من مال الفيء . وقال ابن عباس من مال الغنيمة - وفي رواية عن الزهري - عليهم أن يعطوهم من صداق من لحق بهم وقال قوم : يعطونهم من جميع هذه الاموال . وقال قتادة : معنى الآية { وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار } الذين ليس بينهم وبين اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله عهد { فعاقبتم } يعني الغنيمة يقول : فاذا غنمتم فاعطوا زوجها صداقها الذي كان قد ساقه اليها من الغنيمة ثم نسخ هذا الحكم فى براءة ، فنبذ إلى كل ذي عهد عهده . ثم قال { واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون } أى اجتنبوا معاصي الله الذى أنتم مصدقون بثوابه وعقابه ومعترفون بنبوة نبيه . وقوله { يا أيها النبي } خطاب للنبي صلى الله عليه وآله يقول الله له { إذا جاءك المؤمنات يبايعنك } ووجه بيعة النساء مع أنهن لسن من أهل النصرة فى المحاربة هو أخذ العهد عليهن بما يصلح شأنهن في الدين للأنفس والأزواج ، فكان ذلك في صدر الاسلام لئلا ينفتق بهن فتق لما صيغ من الاحكام ، فبايعهن النبي صلى الله عليه وآله حسماً لذلك وقيل : إنه كان يبايعهن من وراء الثوب . وروى أنه استدعى ماء فوضع يده فيه ثم أمر النساء ان يضعن أيديهن فيه ، فكان ذلك جارياً مجرى المصافحة بأخذ العهد { على أن لا يشركن بالله شيئاً } من الاصنام والاوثان { ولا يسرقن } لا من أزواجهن ولا من غيرهم { ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن } على وجه من الوجوه لا بالوأد ، ولا بالاسقاط { ولا يأتين ببهتان } يعني بكذب { يفترينه بين أيديهن وأرجلهن } أي لا يأتين بكذب يكذبنه فى مولود يوجد بين أيديهن وأرجلهن . وقال ابن عباس : لا يلحقن بأزواجهن غير اولادهم . وقال الفراء : كانت المرأة تلتقط فتقول لزوجها : هذا ولدي منك ، فذلك البهتان المفترى . وقال قوم : البهتان الذي نهوا عنه فى الآية قذف المحصنات والكذب على الناس وإضافة الأولاد إلى الازواج على البطلان فى الحاضر والمستقبل من الزمان ، ولا يعصينك في معروف ، فالمعروف نقيض المنكر ، وهو ما دل العقل والسمع على وجوبه او ندبه ، وسمي معروفاً لان العقل يعترف به من جهة عظم حسنه ووجوبه . وقال زيد بن أسلم : فيما شرط ألا يعصينه فيه أن لا يلطمن ولا يشققن جيباً ولا يدعون بالويل والثبور ، كفعل أهل الجاهلية . وقال ابن عباس : فيما شرط ألا يعصينه فيه النوح . وقوله { فبايعهن } والمعنى إذا شرطت عليهن هذا الشروط ودخلن تحتها فبايعهن على ذلك { واستغفر لهن الله } أي اطلب من الله ان يغفر لهن ذنوبهن ويستر عليهن { إن الله غفور رحيم } أي صفوح عنهن منعم عليهن . وقال الحسن : إذا جاءت المرأة اليوم من غير أهل العهد لم ترد إلى زوجها ، ولم تمتحن وهذه الآيه منسوخة . ثم قال { يا أيها الذين آمنوا } يخاطب المؤمنين بالله ورسوله { لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم } أي لا توالوا اليهود ، ولا من يجري مجراهم من الكفار الذين غضب الله عليهم بأن يريد عقابهم { ولعنهم الله } ثم وصف الكفار ، فقال { قد يئسوا من الآخرة } جملة في موضع الحال أي باياسهم من الآخرة ، فان اليهود ييأسون من ثواب الجنة على ما يقوله المسلمون من الأكل والشرب وغير ذلك من أنواع اللذات كما يئس من لم يؤمن بالبعث والنشور أصلا { كما يئس الكفار من أصحاب القبور } قال الحسن الذين يئسوا من الآخرة أي اليهود مع الاقامة على ما يغضب الله ، كما يئس كفار العرب أن يرجع أهل القبور أبداً ، وقيل هم أعداء المؤمنين من قريش قد يئسوا من خير الآخرة ، كما يئس سائر الكفار من العرب من النشأة الثانية . وقيل { كما يئس الكفار من أصحاب القبور } من حظ الآخرة . وقيل : قد يئسوا من ثواب الآخرة كما يئس الكفار من النشأة الثانية ذكره ابن عباس ، وقال مجاهد : قد يئسوا من ثواب الآخرة كما يئس منه أصحاب القبور ، لانهم قد ايقنوا بعذاب الله .