Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 61, Ayat: 6-9)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم وخلف { متم نوره } مضافاً . وقرأ الباقون { متم نوره } منصوباً . والقراءتان متقاربتان إلا أن اسم الفاعل إذا كان لما مضى لا يعمل ولا يجوز إلا الاضافة ، وإذا كان للحال والاستقبال جاز فيه التنوين والاضافة . يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله إذكر يا محمد { إذ قال عيسى ابن مريم } لقومه الذين بعث اليهم { يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا } نصب على الحال { لما بين يدي من التوراة } إنما سماه لما بين يديه وهو قد تقدمه وهو خلفه بمضيها لانها متقدمة . وهو متوجه اليها بالأخذ بها ، فلها جهتان : جهة المضي وجهة التقدم { ومبشراً برسول } عطف على قوله { مصدقاً } وهو ايضاً نصب على الحال { يأتي من بعدي اسمه أحمد } يعنى نبينا محمد صلى الله عليه وآله . وقوله { اسمه أحمد } فأحمد عبارة عن الشخص . والاسم قول ، والقول لا يكون الشخص . وخبر المبتدأ ينبغي ان يكون هو المبتدأ إذا كان مفرداً . والوجه فيه ان يقدر فيه ( قول ) فكأنه قال إسمه قول أحمد ، كما تقول : الليلة الهلال ، وانت تريد الليلة طلوع الهلال فتحذف المضاف وتقيم المضاف اليه مقامه . وقوله { فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين } قيل فيه قولان : احدهما - إن محمداً لما جاء كفار قومه بالبينات أي المعجزات ، قالوا هذا سحر واضح بين . وقال قوم : معناه فلما جاء عيسى قومه بالبينات والمعجزات قالوا له هذا القول . ومن نسب الحق إلى السحر فقد جرى فى ذلك مجرى الجحد لنعم الله فى أنه قد كفر ، فان كان دون ذلك كان جاهلا وفاسقاً ، لو لم يكفر . والسحر حيلة توهم امراً ليس له حقيقة كايهام انقلاب الحبل حية . وقوله { ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام } صورته صورة الاستفهام والمراد به التبكيت . ومعناه لا أحد أظلم لنفسه ممن افترى على الله الكذب وخرص عليه ، وهو يدعى إلى الاسلام يعني الاستسلام لأمره والانقياد لطاعته ، وهو متوجه إلى كفار قريش وسائر فى جميع الكفار . ثم قال { والله لا يهدي القوم الظالمين } ومعناه لا يحكم بهداية القوم الظالمين الذين هم الكفار . وقيل : معناه لا يهدي الكفار إلى الثواب ، لانهم كفار ظالمون لأنفسهم بفعل الكفر والمعاصي التي يستحق بها العقاب ، وكل كافر ظالم لانه أضر نفسه بفعل معصية استحق بها العقاب من الله تعالى ، فكفره ضرر قبيح . ثم وصف الكافرين الذين عناهم بالآية فقال { يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم } ومعناه إنهم يريدون إذهاب نور الاسلام والايمان بفاسد الكلام الذي يجري مجرى تراكم الظلام . وقيل : معناه هم كمن أراد اطفاء نور الشمس بفيه . وقوله { والله متم نوره ولو كره الكافرون } معناه إن الله يتم نور الاسلام ويبلغ غايته وإن كره ذلك الكفار الجاحدون لنعم الله . ثم قال { هو الذي } يعني الله الذي اخبر عنه بأنه يتم نوره { أرسل رسوله } يعني محمد صلى الله عليه وآله { بالهدى ودين الحق } من التوحيد وإخلاص العبادة لله ودين الاسلام وما تعبد فيه الخلق { ليظهره على الدين كله } بالحجج القاهرة والدلائل الباهرة { ولو كره المشركون } ذلك . وفى الآية دلالة على صحة النبوة ، لأنه تعالى قد أظهر دينه على الاديان كلها بالاستعلاء والقهر ، كما وعد فى حال القلة والضعف .