Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 62, Ayat: 1-5)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لا خلاف بين القراء في هذه السورة إلا ما روي عن الأعمش انه قرأ { الجمعة } بسكون الميم . الباقون بضمها . وقد بينا معنى قوله { يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض } وبينا وجه التكرار فيه . وإنما جاء - ها هنا - على لفظ المضارعة . وقوله { الملك } يعني المالك للاشياء كلها ليس لاحد منعه منها { القدوس } المستحق للتعظيم بتطهير صفاته من كل صفة نقص { العزيز } معناه القادر الذي لا يقهر ولا يغلب { الحكيم } فى جميع افعاله . وقوله { هو الذي بعث } يعني الله الذي وصفه بالصفات المذكورة هو الذي أرسل { في الأميين } قال قتادة ومجاهد : الاميون العرب . وقال قوم : هم أهل مكة ، لانها تسمى أم القرى ، والامي منسوب إلى انه ولد من أمه لا يحسن الكتابة . ووجه النعمة فى جعل النبوة في أمي موافقة ما تقدمت البشارة به في كتب الأنبياء السالفة ، ولما فيه من انه أبعد من توهم الاستعانة على ما أتى به من الحكمة . وقوله { رسولا } مفعول { بعث } و { منهم } يعني من سميتهم الأميين ومن جملتهم { يتلو عليهم } أي يقرأ عليهم " آياته " أي حججه وبيناته من القرآن وغيرها " ويزكيهم " أي ويطهرهم من دنس الشرك بما يهد بهم إلى الايمان فيجعلهم أزكياء . وإنما يجعلهم كذلك بأن يدعوهم إلى طاعة الله التي يقع فيها الاجابة لانه لو دعاهم ولم يجيبوا لما قيل : إنه زكاهم ، { ويعلمهم الكتاب والحكمة } قال قتادة : يعلمهم القرآن والسنة ، والحكمة نعم الكتاب والسنة ، وكل ما أراده الله ، فان الحكمة هي العلم الذي يعمل عليه فيما يخشى او يحبب من أمر الدين والدنيا { وإن كانوا من قبل } يعني من قبل أن يبعث فيهم ويتلو عليهم القرآن { لفي ضلال مبين } أي في عدول عن الحق جائرين عن الصراط المستقيم مبين أي ظاهر . وقوله { وآخرين منهم لما يلحقوا بهم } قال ابن زيد ومجاهد : هم كل من بعد الصحابة إلى يوم القيامة ، فان الله بعث النبي منهم وشريعته تلزمهم ، وإن لم يلحقوا بزمان الصحابة . { وآخرين } نصب على تقدير ويزكي آخرين منهم ، لما يلحقوا بهم . ويجوز ان يكون جرّاً ، وتقديره هو الذي بعث في الأميين وفي آخرين ، { وهو العزيز } الذي لا يغالب { الحكيم } في جميع أفعاله وما يأمر به . وقوله { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء } { ذلك } إشارة إلى بعث الرسول بين الله تعالى ان إرساله الرسول { فضل } من { الله } ونعمة { يؤتيه } أي يعطيه { من يشاء } بحسب ما يعلمه من صلاحه مبعثة ، وتحمل أعباء الرسالة { والله ذو الفضل العظيم } على عباده بما يفعل بهم من التفضل والاحسان ساعة بعد ساعة . وقوله { مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها } معنا { مثل الذين حملوا التوراة } يعني العمل بها وبما فيها ، فحفظوها ودوّنوها في كتبهم ثم لم يعملوا بما فيها { كمثل الحمار يحمل أسفاراً } قال ابن عباس : الاسفار الكتب واحدها سفر ، لانها تكشف عن المعنى باظهار حاله ، يقال : سفر الرجل عن عمامته إذا كشف ، وسفرت المرأة عن وجهها . وهي سافرة ، وإنما مثلهم بالحمار لأن الحمار الذي يحمل كتب الحكمة على ظهره لا يدري بما فيها ، ولا يحس بها كمثل من يحفظ الكتاب ولا يعمل به ، وعلى هذا من تلا القرآن ولم يفهم معناه وأعرض عن ذلك اعراض من لا يحتاج اليه كان هذا المثل لاحقاً به . وإن من حفظه وهو طالب لمعناه وقد تقدم حفظه فليس من أهل هذا المثل . وقوله { بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله } معناه بئس القوم قوم هذا مثلهم ، وهم الذين كذبوا بحجج الله وبيناته . ثم قال { والله لا يهدي القوم الظالمين } يعني الذين يظلمون نفوسهم بارتكاب المعاصي لا يحكم بهدايتهم ، ولا يرشدهم إلى طريق الجنة .