Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 63, Ayat: 1-5)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ { خشب } خفيفة ابن كثير وابو عمرو والكسائي . وقرأ الباقون { خشب } مثقل . وقرأ نافع وروح وزيد { لووا رؤسهم } خفيفة . الباقون { لوّوا } مشددة . يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله { إذا جاءك } يا محمد { المنافقون } وهم الذين يظهرون الايمان ويبطنون الكفر { قالوا نشهد إنك لرسول الله } أى اخبروا بأنهم يعتقدون إنك رسول الله . فقال الله تعالى لنبيه { والله يعلم إنك لرسوله } على الحقيقة { والله يشهد أن المنافقين لكاذبون } في قولهم إنهم يعتقدون إنك لرسول الله ، وكان إكذابهم فى اعتقادهم وأنهم يشهدون ذلك بقلوبهم ولم يكونوا فيما يرجع الى ألسنتهم ، لانهم شهدوا بها بألسنتم وهم صادقون في ذلك وفي ذلك دلالة على بطلان قول من يقول إن المعرفة ضرورية . وكسرت ( إن ) لأجل اللام التي هي لام الابتداء التي فى الخبر ، لان لها صدر الكلام . وإنما زحلقت عن موضعها إلى موضع الخبر لئلا تجمع بين حرفي تأكيد ، وكانت احق بالتأخير ، لانها غير عامة . وإنما كان لها صدر الكلام ، لانها نقلت الجملة إلى معنى التأكيد وكل حرف نقل الجملة عن معنى إلى معنى كان له صدر الكلام ، لئلا تختلط الجمل . ثم اخبر تعالى عن هؤلاء المنافقين فقال { اتخذوا أيمانهم جنة } أى سترة يتسترون بها من الكفر لئلا يقتلوا ولا يسبوا ولا تؤخذ أموالهم . والجنة السترة المتخذة لدفع الأذية كالسلاح المتخذ لدفع الجراح ، فالجنة السترة ، والجنة البستان الذى يجنه الشجر . الجنه والجنون الذى يغطي على العقل . واصل ذلك كله الستر { فصدوا عن سبيل الله } أى منعوا غيرهم عن اتباع سبيل الحق . وقال الضحاك : أيمانهم حلفهم إنهم لمنكم . وقرئ { إيمانهم } بكسر الهمزة بمعنى أنهم اتخذوا تصديقهم ظاهراً جنة ، فقال تعالى { إنهم ساء ما كانوا يعملون } ومعناه بئس الذى يعملونه من اظهار الايمان مع إبطان الكفر والصد عن السبيل . وقال زيد بن أرقم : نزلت الآية في عبد الله بن ابي بن سلول ، لما قال : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا وقال لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الاغر منها الاذل ، فلما وقف على ذلك جحده وحلف انه ما قاله حتى نزلت السورة . وقوله { ذلك بأنهم آمنوا } بألسنتهم عند الاقرار بـ ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) { ثم كفروا } بقلوبهم لما كذبوا بهذا وهو قول قتادة { فطبع على قلوبهم } أى ختم عليها بسمة تميز الملائكة بينهم وبين المؤمنين على الحقيقة { فهم لا يفقهون } ذلك بجحدهم توحيد الله ونفاقهم وإنكارهم نبوة رسوله الذى دعاهم إلى الحق . ثم قال : { وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم } بحسن منظرهم وجميل زيهم { وإن يقولوا } يعنى هؤلاء المنافقون { تسمع لقولهم } أى تصغى اليهم وتسمع ما يقولون بحسن بيانهم وبلاغة لسانهم ، فقال تعالى { كأنهم خشب مسندة } فشبههم الله بالخشب المسندة ، قيل : إنهم شبهو بخشب نخرة متأكله لا خير فيها إلا أنها مسندة يحسب من يراها أنها صحيحة سليمة . وخشب جمع خشبة مثل بدن وبدنة فيمن سكن . ومن ضم قال : مثل ثمرة وثمر . ثم وصفهم بالخور والهلع فقال { يحسبون كل صحيحة عليهم } أي يظنون أنها مهلكتهم ، وأنهم المقصودون بها جبناً وخوراً . ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله { هم العدو } لك وللمؤمنين { فاحذرهم } وتوقهم { قاتلهم الله } وقيل : معناه أخزاهم الله . وقيل : معناه أحلهم الله محل من يقاتله عدو قاهر له ، وهذا اشد ما يكون من الذم والبلاء الذي ينزل بهم وأبلغ ما يكون فى البيان عن مكروههم { أنى يؤفكون } أي كيف يصرفون عن الحق . وإنما قال { فاحذرهم } لانهم كانوا ينقلون الاسرار إلى الكفار ويحيون من قدروا عليه من أهل الكفر . ثم اخبر تعالى فقال { وإذا قيل لهم } يعني لهؤلاء المنافقين { تعالوا } أي هلموا { يستغفر لكم رسول الله لووا رؤسهم } ومعناه أكثروا تحريكها بالهز لها استهزاء بدعائهم الى ذلك . فمن شدد أراد تكثير الفعل . وممن خفف فلانه يدل على القليل والكثير . ثم قال : ورأيتهم يا محمد { يصدون } عن سبيل الحق { وهم مستكبرون } أي يطلبون الكبر ويتجبرون عن إتباع الحق .