Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 66, Ayat: 11-12)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ اهل البصرة وحفص عن عاصم ونافع فى رواية خارجة { وكتبه } على الجمع . الباقون " وكتابه " على واحد ، لانه إسم جنس يقع على القليل والكثير . والفائدة في هذه الآية ، وفي الآية التي قبلها : أن احداً لا ينفعه إلا عمله ولا يؤخذ بجرم غيره ، ولا يثاب على طاعة غيره ، وإن كان خصيصاً به وملازماً له . وتبين ان امرأة نوح وامرأة لوط لم ينفعهما قربهما من نبيين واختصاصهما والتصاقهما بهما ، لما كانتا كافرتين عاصيتين لله تعالى بل عاقبهما الله بالنار بكفرهما وسوء أفعالهما . وبين في هذه الآية أن كفر فرعون لم يتعدّ إلى زوجته لما كانت مؤمنة طائعة لله تعالى خائفة من عقابه ، بل نجاها الله من عقابه وأدخلها الجنة على إيمانها وطاعتها ، فضرب المثل الاول للكفار لما كانت المرأتان كَافرتين ، وضرب المثل الثاني للمؤمنين ، لما كانت امرأة فرعون مؤمنة ، فقال { وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون } واسمها آسية . والمثل قول سائر يشبه فيه حال الثاني بالاول . فهذه الآية فيها قول فيه تشبيه حال المؤمنة التي زوجها كافر بحال امرأة فرعون في انه لا يضرها كفره مع قربها منه ، كما أن امرأة نوح وأمرأة لوط ، لم ينفعهما نبوتهما وإيمانهما حين كانتا كافرتين . وقوله { إذ قالت } أي حين قالت امرأة فرعون داعية الله { رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني } أي وخلصني { من فرعون وعمله } يعني من مثل سوء عمله { ونجني من القوم الظالمين } يعني الذين ظلموا أنفسهم بالكفر بالله واستحقوا لذلك العقاب . وإنما دعت بالخلاص من عمل الكفار بأن سألت الله تعالى أن يلطف لها في التمسك بالايمان ، وألا تعتر بتمكين الله لفرعون وكفار قومه وطول سلامته وسوابغ نعمته عليهم والانس به لطول مخالطته وصحبته ، فربما أفتنت من هذه الوجوه ، فدعت بهذا ليلطف الله لها في ذلك وتبقى على التمسك بالايمان . وقوله { ومريم ابنت عمران } يحتمل ان يكون عطفاً على قوله { امرأة فرعون } فلذلك نصبه . والعامل { وضرب } فكأنه قال : وضرب مثلا مريم ابنت عمران ، ويحتمل ان يكون نصباً على تقدير واذكر أيضاً مريم بنت عمران { التي أحصنت فرجها } فاحصان الفرج منعه من دنس المعصية يقال : أحصن يحصن إحصاناً ، ومنه الحصن الحصين ، لأنه بناء منيع ، والفرس الحصان الذي يمنع من ركوبه إلا مقتدراً على تلك الحال ، وامرأة حصان - بفتح الحاء - لأنها تمنع من لمس الحرام . وقوله { فنفخنا فيه من روحنا } قال قتادة معناه فنفخنا في جيبها من روحنا وقال الفراء : كل شق فهو فرج فاحصنت فرجها منعت جيب درعها من جبرائيل عليه السلام والظاهر انه أراد الفرج الذي يكنى عنه . وقوله { فيه } يعني في الفرج ، فلذلك ذكر في الانبياء { فيها } لأنه رده إلى التي أحصنت فرجها . وقيل : إن جبرائيل عليه السلام نفخ في فرجها ، فخلق الله - عز وجل - فيه المسيح { وصدقت بكلمات ربها } يعني بما تكلم الله به ، وأوحاه إلى انبيائه وملائكته { وكتبه } أي وصدقت بكتبه التي أنزلها على انبيائه . فمن قرأ { وكتبه } جمع لانها كتب مختلفة . ومن وحد ذهب إلى الجنس ، وهو يدل على القليل والكثير { وكانت من القانتين } وإنما لم يقل من القانتات لتغليب المذكر على المؤنث ، فكأنه قال من القوم القانتين ، فالقانت المقيم على طاعة الله . وقيل : معناه الداعي لله فى كل حال ، وقال الحسن : رفع الله آسية إمرأة فرعون إلى الجنة ، فهي تأكل وتشرب وتنعم فيها إلى يوم القيامة ، فنجاها الله أكرم النجاة . وروي عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال " حسبك من نساء العالمين أربع : مريم ابنت عمران ، وآسية إمرأة فرعون ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله " وروي أن فرعون امر أن تسمر آسية بأربع مسامير ويرفع فوقها حجر الرخام ، فان رجعت عن قولها وإلا أرسل عليها الحجر فأراها الله منزلها من الجنة ، فاختارت الجنة فنزع الله روحها ، فلما ارسل الحجر وقع على جسد ميت .