Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 67, Ayat: 27-30)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ يعقوب { تدعون } خفيفة . الباقون بالتشديد . وقرأ الكسائي { فسيعلمون من هو } بالياء على الغيبة . الباقون بالتاء على الخطاب ، أي قل لهم . لما حكى الله تعالى عن الكفار أنهم استبطؤا عذاب الله واهلاكه لهم مستهزئين بذلك ، فقالوا متي هذا الوعد ، قال الله تعالى حاكياً عنهم إذا رأوا ما يوعدون به { فلما رأوه زلفة } قال الحسن : معناه معاينة . وقال مجاهد : يعني قريباً . والزلفة المنزلة القريبة والاصل فيه القرب ، يقال : أزدلف اليه أزدلافاً إذا تقرب اليه ، ومنه ( مزدلفة ) لانها منزلة قريبة من مكة ، وجمع زلفة زلف ، قال العجاج : @ ناج طواه الاين مما وجفا طيّ الليالي زلفا فزلفا سماوة الهلال حتى احقوقفا @@ وقوله { سيئت وجوه الذين كفروا } أي ظهر فيها ما يفهم من الكآبة والحزن تقول : ساء يسوء سوأ ، ومنه السوائي ، ومنه أساء يسيء إساءة ، فهو مسيء إذا فعل قبيحاً يؤدي إلى الغم { وقيل هذا الذي كنتم به تدعون } أي ويقال لهؤلاء الكفار إذا شاهدوا العذاب { هذا الذي كنتم به تدعون } أي تطلبون به خلاف ما وعدتم به على طريق التكذيب بالوعد : كأنه قيل هذا الذى كنتم به تكذبون في إدعائكم انه باطل . والادعاء الاخبار بما يوعد اليه القائل دون المعنى ، فاذا ظهر دليله خرج من الادعاء لانه حينئذ يدعو إليه المعنى ، وكذلك الاخبار بما يدعو إلى نفسه في الفعل ليس بدعوى ، قال الزجاج : { تدّعون } يجوز ان يكون يريد يفعلون من الدعاء ، ويجوز أن يكون من الدعوى ، قال الفراء : والتشديد والتخفيف واحد مثل تذكرون وتذكرون وتدخرون وتدخرون . ثم قال للنبي صلى الله عليه وآله { قل } لهم يا محمد { أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي } بان يميتنا { أو رحمنا } بتأخير آجالنا ما الذى ينفعكم من ذلك في رفع العذاب الذى استحققتموه من الله فلا تعللوا في ذلك بما لا يغني عنكم شيئاً . وقيل إن الكفار كانوا يتمنون موت النبي وموت أصحابه فقيل لهم { أرأيتم إن أهلكني الله } باماتتي وإماتة اصحابي فما الذى ينفعكم ذلك في النجاة من عذاب أليم . وقل لهم { فمن } الذي { يجير الكافرين من عذاب أليم } حتى لا يعذبوا ولا يعاقبوا ، فلا يمكنهم الاحالة على من يجيرهم من الله ويخلصهم من عذابه . ثم قال { قل } لهم على وجه الانكار عليهم والتوبيخ لهم على فعلهم { هو الرحمن } يعني الله تعالى هو الذي عمت نعمه جميع الخلائق واستحق الوصف بالرحمن { آمنا به } أي صدقنا بوحدانيته { وعليه توكلنا } أى اعتمدنا عليه وفوضنا أمورنا اليه ، فالتوكل الاعتماد على تفضل الله وحسن تدبيره وقل لهم { فستعلمون } معاشر الكفار { من } الذى { هو في ضلال مبين } أى بين . ومن قرأ بالياء معناه فسيعلم الكفار ذلك . ثم قال { قل } لهم يا محمد { أرأيتم } معاشر الكفار { إن أصبح ماؤكم غوراً } أى غائراً وصف الغائر بالغور الذى هو المصدر مبالغة ، يقال ماء غور ، وماآن غور ، ومياه غور كما يقال : هؤلاء زور فلان وضيفه ، لانه مصدر - فى قول الفراء وغيره - { فمن يأتيكم بماء معين } معناه من الذى يجيئكم بماء معين إذا غارت مياهكم . قال قوم : الماء المعين الذى تراه العيون . وقال قتادة والضحاك : هو الجارى ، فالاول مفعول من العين ، كمبيع من البيع ، والثاني من الامعان فى الجرى ، ووزنه ( فعيل ) كأنه قال ممعن في الجرى والظهور ، وقال الحسن أصله من العيون . قال الجبائي قوله { قل أرايتم إن أصبح ماؤكم غوراً } تعريف حجة الله لعباده عرفوها وأقروا بها ولم يردوا لها جواباً .