Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 68, Ayat: 34-40)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما اخبر الله تعالى ما حل بالكفار ، وما هو معد لهم في الآخرة أخبر بما للمؤمنين من أهل الطاعات ، فقال { إن للمتقين } يعني للذين أمنوا عقاب الله باتقاء معاصيه وفعل طاعاته { عند ربهم جنات النعيم } أي بساتين يتنعمون فيها ويتلذذون بها . ثم قال على وجه الانكار على الكفار وانه لا يسوى بينهم وبين المؤمنين فقال { أفنجعل المسلمين } الذين أسلموا لله وانقادوا لطاعته وامتثلوا ما أمرهم به { كالمجرمين } أى مثل من عصاه وخرج عن طاعته وارتكب ما نهاه عنه ؟ ! فهذا لا يكون أبداً . وقوله { ما لكم كيف تحكمون } تهجين لهم وتوبيخ . ومعناه أعلى حال الصواب أم على حال الخطاء ؟ وعلى حال الرشاد أم الغي ، فعلى أي حال تحكمون في الاحوال التي تدعون إلى الفعل أحال الباطل أم حال الحق ؟ وقوله { أم لكم كتاب فيه تدرسون } معناه ألكم كتاب تدرسون فيه خلاف ما قد قامت عليكم الحجة به فأنتم متمسكون به ولا تلتفتون إلى خلافه ؟ ! وليس الأمر على ذلك فاذ قد عدمتم الثقة بما أنتم عليه ، وفي هذا عليكم أكبر الحجة وأوكد الموعظة ، لأن الكتاب الذي تقوم به الحجة حتى لا يجوز خلافه إلى أن تقوم الساعة هو الذي تشهد له المعجزة من غير اجازة نسخ له في حال ثانية ، وهو القرآن الذي فيه معنى الاعجاز من غير نسح له فيما بعد في باقى الزمان . وقوله { إن لكم فيه لما تخيرون } يحتمل امرين : احدهما - أن يكون تقديره أم لكم كتاب فيه تدرسون بأن لكم ما تخيرون إلا انه حذفت الباء وكسرت ( إن ) لدخول اللام في الخبر ، الثاني - ان يكون ذلك خرج مخرج التوبيخ ، وتقديره وإن لكم لما تخيرون عند أنفسكم ، والأمر بخلاف ظنكم ، ، لانه لا يجوز ان يكون ذلك خبراً مطلقاً . وقوله { أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون } كسرت ( إن ) لدخول اللام في الخبر ، والحكم خبر بمعنى يفصل الأمر على جهة القهر والمنع وأصله المنع من قول الشاعر : @ ابني حنيفة احكموا سفهاءكم إني اخاف عليكم ان اغضبا @@ أي امنعوهم . ومنه الحكمة ، لانها معرفة تمنع الفساد يصرفها عنه بما يذم به . والحكمة في الفعل المنعة من الفساد منه ، ومنه حكمة الدابة لمنعها إياها من الفساد . وقوله { سلهم أيهم بذلك زعيم } قال ابن عباس وقتادة : زعيم أي كفيل والزعيم والكفيل والضمين والقبيل نظائر . والمعنى سلهم أيهم زعيم ضامن يدعي علينا ان لهم علينا أيماناً بالغة ؟ فلا يمكنهم ادعاء ذلك .